إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول المواقف العربية بعد حرب "يونيه"
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 796 - 799"

ضمن حدود مشروع التقسيم الاستعماري وأعطت نكبة 48، ليست هي المطالبة برد هزيمة حزيران (يونيو) ولم تكن مخاطبة بحرب حزيران (يونيو)، فهذه الأنظمة قد حكمت على نفسها تاريخيا منذ 48، حيث ارتمت كليا في أحضان الاستعمار القديم والجديد وعلى رأسه الامبريالية الاميركية، وباتت جزءا من الثورة المضادة في المنطقة لتمارس عمليات القمع لقوى التحرر الوطني الفلسطينية والعربية. وهي، بحكم مصالحها وامتيازاتها الطبقية، وبحكم ارتباطها بالسوق الرأسمالية العالمية والامبريالية، ابقت بلدانها شبه مفتوحة لقوى الامبريالية والصهيونية.

        وبالإضافة إلى تحالفها مع الاستعمار، فهي عاجزة عن خوض أية معركة جدية لحماية الوطن وتحرير البلاد، بحكم اقتصادها الضعيف وتكوينها السياسي والعسكري الأضعف، ونزع أي سلاح من يد الشعب مع سياسة القمع الدائمة للقوى الوطنية الشريفة المناضلة ضد تحالف الاستعمار والاقطاع ورأس المال من أجل تعبئة الشعب وتسليحه لحماية الوطن وتحرير الأرض المحتلة.

        أن هذه الأنظمة تتخذ مواقف منسجمة مع طبيعتها الطبقية وتحالفها مع الامبريالية، واذا ارتفع صوت بعضها مزايدا من بعيد على ضرورات خوض معركة مسلحة ورفض قرار مجلس الأمن، فهو من باب الانتفاع الرخيص بقضية فلسطين. واذا كان جادا في مزايداته فعليه ان يبدأ بلوي عنق الامبريالية الاميركية التي تحمي وتحتضن إسرائيل، وذلك بتدمير وكنس كافة المصالح الاقتصادية والعسكرية الاستعمارية في بلده. اذ لولا مساندة الامبريالية ثم إسرائيل لما تمكنت من عدوان 56، وحرب 67. ولكن مجموع هذه الأنظمة الاقطاعية البرجوازية تهمها مصالحها وامتيازاتها أولا، وأخيرا تقف بالنتيجة عاجزة عن ممارسة أي دور وطني في التعبئة المادية والبشرية والمعنوية لحماية الوطن وتحرير البلاد. ومن هنا ركضها وراء قرار مجلس الامن التصفوي.

        ولكن الأنظمة البرجوازية الصغيرة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية، التي لعبت دورا وطنيا عظيما في مقاومة الاستعمار القديم، والقوى العربية المتحالفة معه وقاتلت من أجل اسقاط تحالف الاستعمار والاقطاع ورأس المال المسؤول عن نكبة 48، وطرحت برنامجا وطنيا "اقتصاديا وطبقيا وعسكريا وسياسيا" لحل معضلات التحرر الوطني، ببناء اقتصاد وطني متحرر وجيوش وطنية متحررة كخطوات أساسية على طريق تحرير فلسطين، هذه الأنظمة هي المستهدفة بعدوان 56 الثلاثي، وهجمة حزيران (يونيو) الامبريالية - الصهيونية لهزمها وارغامها على التسليم بمخططات الامبريالية والصهيونية والأنظمة والقوى الطبقية الرجعية العربية المتحالفة مع الاستعمار في المنطقة، حتى يتم للثورة المضادة تركيع الحركة الوطنية، وتصفية قضية فلسطين، وترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط كما "تشتهى سفن الثورة المضادة"، وكما كانت هذه الأنظمة والحركة الوطنية هي المخاطبة بهزيمة حزيران (يونيو)، فهي المطالبة باعطاء الردود التاريخية الملموسة على الهزيمة. ولكن هذه الأنظمة ومعها الحركة الوطنية وقفت عاجزة عن الرد، وبدلا من ان تتقدم ببرنامج حرب التحرير الشعبية للتفوق على التفوق التكني الامبريالي - الصهيوني، تقدمت بذات البرنامج "الاقتصادي والعسكري والسياسي" الذي أعطى هزيمة حزيران (يونيو)، لتجد نفسها بهذا مرغمة على التراجع المتصل لصالح الامبريالية وإسرائيل، ممثلا بالموافقة على قرار مجلس الامن التصفوي.

        ان حركة التحرر الوطني "الرسمية والشعبية"، التي هزمت بحزيران (يونيو)، فشلت بحكم طبيعتها الطبقية والسياسية عن اعطاء الردود التاريخية الثورية على هجمة حزيران (يونيو) الامبريالية - الصهيونية، اذ كانت بين اختيارين، اما اختيار طريق الصدام بجبهة عريضة مع "إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل" واما اختيار طريق التراجع وصولا لتسوية وتصفية سياسية. وقد اختارت الطريق الثاني وهذا ما دفع إلى وضع القضية الفلسطينية في مأزقها التاريخي الراهن الذي يهددها بالتصفية الكاملة والنهائية.

        ان اختبار طريق الصدام مع "إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل" يتطلب تحويل بلادنا - الفلسطينية والعربية - فيتناما ثانية، بفتح النار على جميع المصالح والمواقع الاستعمارية وعلى امتداد الأرض العربية

<2>