إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) بيان مجلس قيادة الثورة العراقي حول موقف الحكومة العراقية من حوادث الأردن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 851- 853 "

الحلول الاستسلامية، لتشن حملة لا مثيل لها من الدس والتضليل والتوريط ضد حزب البعث العربي الاشتراكي وسلطته الثورية في القطر العراقي وضد قواته المسلحة الباسلة الرابضة في الساحة الأردنية.

          وعلى الرغم من كثافة الدخان والغبار الذي أثارته الحملة فإنها كانت تتحدد في اتجاهين الأول هو عزل المقاومة عن حلفائها في الساعة التي هي أحوج ما تكون فيه إلى هؤلاء الحلفاء، والثاني هو دفع العراق بشتى الوسائل إلى تصرف يعطي للامبرياليين الأميركان والانكليز حجة يبررها القانون الدولي والمجتمع الدولي والهيئات الدولية للتدخل العسكري لإنقاذ السلطة الفاشية، وتصفية المقاومة، وإحكام طوق المؤامرة ضد القطر العراقي المناضل.

          يا أبناء شعبنا العظيم
          إن نظرة حزب البعث العربي الاشتراكي إلى العمل الفدائي تنطلق من مبادئه القومية الثورية الاشتراكية. وهو لا يساند المقاومة المسلحة ويقف إلى جانبها من مواقع المتفرجين من خارج الساحة. وإنما يتعامل معها باعتبارها فصيلة أساسية من فصائل الثورة العربية التي يشكل الحزب طليعة صدامية لها والتي حمل لواءها طيلة ثلاثين عاما. لذلك فإن الحزب وسلطته الثورية في القطر العراقي قدما للعمل الفدائي كل ما في اليد من عون مادي ومعنوي وعسكري. كما ضاعفت الثورة القطعات العسكرية العراقية في الجبهة مرات عديدة حتى زاد عدد القوات العراقية عن ستين ألف جندي.

          وكان وجود القوات العراقية في الجبهة في حد ذاته يكلف الخزينة نفقات إضافية طائلة، الأمر الذي اضطر الثورة إلى إيقاف العديد من مشاريع التنمية.

          وعندما بدأت خيوط المؤامرة تتكشف وبخاصة بعد إعلان القاهرة وعمان قبولهما بمشروع روجرز الامبريالي، وبدا أن في الأفق مجابهة لا مفر منها بين المقاومة والسلطة الأردنية الرجعية، دعا حزب البعث العربي الاشتراكي إلى ضرورة التنسيق السريع والشامل مع المقاومة لمواجهة متطلبات الموقف. وقد جرت اتصالات مباشرة وعديدة كان منها اتصالات جرت في بغداد بين ممثلين عن الحزب وممثلين عن المقاومة برئاسة السيد ياسر عرفات.

          وقد تم في هذه الاتصالات الاتفاق على تحليل الموقف كما تم فيها تحديد احتياجات المقاومة وأسلوب دعمها من جانبنا في كل مرحلة من مراحل المواجهة المنتظرة ووفقا لتحور قيادة المقاومة نفسها للظروف وللإمكانيات. وقد اتقق في تلك الاتصالات وبوضوح تام على أن المقاومة ترى أن دور العراق كحكومة وجيش في أية مواجهة بين المقاومة والسلطة الأردنية إنما يتحدد بتقديم المساعدة بالسلاح والعتاد والمال إلى جانب التنسيق السياسي والإعلامي.

          وقد نفذت السلطة الثورية في العراق كامل التزاماتها قبل المجابهة وأثناء المجزرة التي دبرتها السلطة الأردنية الفاشية بل تجاوزت تلك الالتزامات. وإننا إذ نورد هذه الحقائق، نذكر بأن العراق لا يمن على إخوانه في المقاومة، لأنه عندما يقدم لها العون الذي تحتاج لا يقوم بغير واجبه القومي. ولكننا مجبرون على ذلك لكي نفوت الفرصة على أبواق الدس والكذب والتضليل.

          وقد لمست جماهير الأمة العربية طيلة الأيام العشرة الماضية بأن الأوساط الامبريالية الأميركية والبريطانية، وكل الأوساط المرتبطة بهما، وأجهزة الإعلام سيئة الصيت في القاهرة ومن لف لفها، كانت تلح وتحرض وتختلق الأخبار والتعليقات بحماسة لا نظير لها وبكثافة ندر مثلها، من أجل دفع القوات المسلحة العراقية الموجودة في الأردن إلى مواجهة مباشرة مع الجيش الأردني.

          وفي هذا الشأن نعلن للأمة العربية جمعاء أن الالتزام الثوري بمساندة العمل الفدائي لا يعني بالضرورة الدخول في معركة عسكرية مباشرة مع القوات الأردنية المسلحة. والمساندة بمعناها القومي والثوري الحقيقي لا تعني زج الدولة العراقية في حرب مع الدولة الأردنية إلى جانب المقاومة. فالمقاومة لم تكن تخوض حربا ضد الدولة الأردنية كما صور الامبرياليون والصهاينة والرجعية الأردنية، وإنما كانت تخوض معركة ضد السلطة الأردنية الفاشية التي تحاول تصفية العمل الفدائي وكانت المقاومة تقاتل ومعها القوى الوطنية وجماهيرالشعب في الأردن.

          وإن دور العراق كدولة وجيش في مساندة العمل الفدائي يتحدد من خلال التصور المشترك الذي تم التوصل إليه بين المسؤولين في الحزب والدولة وبين قيادة المقاومة. وإن الذين تاجروا في الأيام العشرة الماضية تجارة رخيصة ومشبوهة الغايات والمقاصد بمسألة اشتراك القوات العراقية في المعارك بالسلاح والعتاد وغير ذلك من متطلبات القتال أكثر نفعا في المعركة، بالأساليب التي تتبعها المقاومة الفلسطينية، من بضع دبابات أو طائرات قد تعطي كل المبررات المطلوبة للجلادين وتبرر الإنزال الأجنبي ونحر المقاومة.

          إن جبهة التحرير في فيتنام، وإن المقاتلين من أجل الحرية في لاوس وكمبوديا لا يقاتلون بالاعتماد على الدعم المباشرمن جانب الجيش السوفييتي أو الصيني وإنما هم يقاتلون اعتمادا على إمكانياتهم ومبادراتهم الذاتية واعتمادا على المساندة غير المحدودة وغير المباشرة التي يقدمها لهم حلفاؤهم.


<2>