إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



( تابع ) بيان مجلس قيادة الثورة العراقي حول موقف الحكومة العراقية من حوادث الأردن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 851- 853 "

         والجيش العراقي لا يجوز له أن يخوض معركة الفدائيين بديلا عنهم فعند ذاك لا يعود الفدائيون فدائيين. وتنقلب الصورة، وتتشوه القضية الجوهرية. وقضية حق شعب فلسطين العربي في الكفاح لتحرير أرضه واسترداد حقوقه. وإن القوات العراقية التي فرض عليها قبول الأردن بمشروع روجرز ووقف إطلاق النار إيقاف مجابهاتها اليومية مع العدو الصهيوني لم تكن تؤدي غير واجب حماية العمل الفدائي قبل المؤامرة وأثناءها من مواقع متقدمة وفعالة.

         وإذا كانت الحقائق السابق ذكرها عن طبيعة المعركة والظروف الخاصة والدولية المحيطة بها تشترط هذا الأسلوب من المساندة من خلال الإطارات الرسمية، فإن ذلك لا يعني إطلاقا أن العراق شعبا وحزبا ومقاتلين، ومن خلال كل الإمكانات، لم يقاتل بصورة مباشرة إلى جانب الفصائل الفدائية. إذ هذا هو ما حدث.

         إن الثورة في هذا القطر في الوقت الذي كانت تؤدي فيه الواجب القومي بكل أمانة وشجاعة كانت أيضا مفتحة العيون أمام المخططات المشبوهة التي أعدتها بخبث ورياء الأوساط الامبريالية والرجعية والأوساط الضالعة في مشروع روجرز لدفع العراق تحت ضغط التضليل والتشهير إلى إعطاء مبرر مادي للامبريالية لكي تنفذ مشاريعها اللئيمة. ليس خوفا من هجمة الامبريالية، لأن الثورة منذ أن قامت بحسم وشجاعة على كل صعيد، ولكن تقديرا من الثورة بأن الثوري المسؤول هو الذي يحدد طبيعة المجابهة ولا يكون ذلك بتقديم المبرر للامبريالية لكي تضرب بالصيغة التي تحددها هي من حيث الزمان والمكان.

         إن الشعب والحزب والسلطة والقوات المسلحة في هذا القطر كانوا جميعا يتصرفون تصرف الثوري الواثق بنفسه وبماضيه وبثقة الجماهير به وليس تصرف الذين يحاولون غسل عار قديم يمتد إلى ما قبل ثلاث سنوات وآخر جديد هو عار الركوع أمام الحلول التصفوية والاستسلامية.

         وعلى الصعيد السياسي والإعلامي حرصت الثورة في هذا القطر حرصا شديدا، قبل المعارك وأثناءها، على التنسيق الكامل مع المقاومة.

         وعندما قامت الدعوة إلى مؤتمر القمة تم الاتفاق وضمن صيغة التنسيق مع قيادة المقاومة، على أن يقاطع العراق هذا المؤتمر دعما لشعار المقاومة في الاستمرار في القتال إلى حين إسقاط السلطة العسكرية الفاشية وإقامة سلطة وطنية في الأردن. وكي نفوت الفرصة على قرارات قد يصدرها مؤتمر القاهرة تقضي بوقف إطلاق النار فترفضها المقاومة، الأمر الذي قد تتخذه السلطة الفاشية في الأردن غطاء جديدا لنحر المقاومة.

         يا جماهير الأمة العربية،
         هذه هي بعض الحقائق التي يجد مجلس قيادة الثورة نفسه مضطرا إلى الكشف عنها في هذه الظروف الدقيقة لكي يعرف كل مناضل ثوري في الوطن العربي موقعه الحقيقي وواجبه الحقيقي. ولكي يعرف كيف يواجه. آلة التضليل والدس والتوريط التي تديرها الامبريالية والرجعية وعناصر الهزيمة.

         إن مجلس قيادة الثورة ينبه جماهير الأمة العربية وفصائل المقاومة الباسلة إلى أن المؤامرة التي حيكت لتصفية العمل الفدائي وتصفية القوى الثورية الرافضة للمشاريع الاستسلامية لم تتوقف عند التراجعات الجزئية والمناورات التي تمت في الأيام الأخيرة وبخاصة في اجتماعات القمة التي دعا إليها بورقيبة وتحمس لها عبد الناصر زعيم فريق الانهزاميين في الوطن العربي.

         فبعد أن فشلت خطة التصفية العسكرية السريعة للعمل الفدائي بصمود المقاتلين وبسالتهم طيلة عشرة أيام وبعد أن انهارت المحاولات المشبوهة لإعطاء التبرير للامبرياليين بالتدخل لمصالح الحكومة الأردنية بسبب الموقف الصلب والشجاع والبعيد النظر الذي وقفته الثورة في هذا القطر، بعد هذا عادت المؤامرة تتجه إلى التركيز على عزل المقاومة عن حلفائها الثوريين أولا وعلى تفتيت المقاومة نفسها وزرع البلبلة والميوعة في صفوفها ثانيا.

         إن المقاومة التي صمدت ببسالة نادرة طيلة عشرة أيام سيخلدها التاريخ أصبحت اليوم أكثر خطورة على أنظمة الهزيمة والاستسلام مما كانت عليه قبل 16 أيلول ( سبتمبر ) . فلقد أعطت تجربة الأيام العشرة المجيدة دليلا ساطعا على قدرة القوى الثورية، إذا ما هي اتحدت وتخلت عن المواقف الوسطية والمترددة، على مجابهة أعتى المؤامرات وأكثرها شراسة.

         وإن القوى العربية الراكعة والمتخاذلة ترى في هذه الظاهرة خطرا كبيرا عليها يفضح حقيقتها أمام الجماهير ويقرب من نهايتها. لذلك فإنها ستعمل بكل الأساليب على إفراغ ملحمة الأيام العشرة من محتواها الثوري لتبرئة ذمتها من جريمة ما حصل في هذه الأيام كنتيجة حتمية وطبيعية لمشروع روجرز وعلى إعادة المقاومة إلى دوامة المناورات والحلول الوسطية وما يعنيه ذلك من تآمر على وحدتها لأن مثل هذا الوضع لابد وأن يخلق الفرقة والبلبلة في صفوفها. وهكذا تحقق أنظمة الاستسلام ما عجزت عن تحقيقه السلطة الفاشية.

         إن قوى الثورة العربية كلها ومنها قوى المقاومة الباسلة يجب أن تدرك هذه الحقائق. والنصر لشعبنا في نضاله البطولي من أجل استرداد أرضنا السليبة في فلسطين.


<3>