إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول ما يتردد عن اقتراح لإقامة دولة فلسطينية
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 243 - 246 "

رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول ما
يتردد عن اقتراح لإقامة دولة فلسطينية.(1)

 

( الدستور، عمان، 1 / 4 / 1971 )

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
          يدفعني للتوجه اليكم بهذه الرسالة عوامل ودوافع قومية ومختلفة أهمها:
          أ - الى جانب ما تمليه المسؤوليات والاعباء التي أحملها، فهناك الحرص الدائم - من جانبي على اعتماد الصراحة والوضوح في تبادل الرأي والمشورة مع اخواني القادة العرب، في كل ما يعود بالنفع والخير على أمتنا وقضاياها الكبرى وفي طليعتها قضية فلسطين.
          ب - الحرص الدائم من جانبي على عدم الانفراد في اتخاذ المواقف المتصلبة بالقضايا المصيرية، سواء في ذلك التفرد بالوقوف على أية معلومات تتوفر عن أية تحركات أجنبية أو عربية تجاه تلك القضايا والتفرد باصدار الاحكام ، ومن ثم تقرير المواقف نتيجة لما يتوفر من معلومات أو ما يبدو من اتجاهات حول هذه القضية أو تلك، مما يهمنا جميعا في عالمنا الكبير.

          ولعل من المفيد قبل كل شيء أن استعيد واياكم حقيقة تاريخية اساسية عن بلدي العربي هذا، المملكة الاردنية الهاشمية، ونشوئه قبل أكثر من خمسين عاما، فليس من شك أن التقييم الموضوعي لتأسيس المملكة - الامارة آنئذ - على يد جدي المغفور له الملك عبد الله بن الحسين يدلنا على أن قيام الامارة في المنطقة التي عرفت وقتها باسم شرق الاردن كان انقاذا لتلك المنطقة من وعد بلفور، واخراجا لها من دائرة الاخطار التي حملها ذلك الوعد باقامة ما سمى بالوطن القومي اليهودي في قلب العالم العربي.

          ولئن ظلت رسالة الثورة العربية الكبرى ودعوتها الى وحدة الامة العربية حجر الزاوية في التفكير السياسي والعمل السياسي الاردنيين منذ البداية، فان فلسطين والخطر الصهيوني الذي كان يدهمها ظلا في طليعة الهموم والقضايا التي جابهت الدولة الاردنية منذ نشوئها واستحوذت من ثم على الغالبية العظمى من تفكيرها وعملها السياسي والعسكري.

          ولذلك استطرادا للموقف المشرف المعروف الذي - وقفته الثورة العربية الكبرى من كل المحاولات التي كانت تجري لسلخ فلسطين عن الوطن العربي والنيل من حقوق شعبنا، وهو موقف ورثه الاردن وصانه واستأنفه بكل زخم الاصالة العربية التي تحدرت اليه عبر القرون والاجيال وعمق الايمان بالرسالة القومية التي تناهت اليه من الثورة العربية الكبرى.

          وانطلاقا من هذه الحقائق وفي ضوئها، كان موقف الاردن من الحرب العربية الاسرائيلية عام 48 وتضحيات جيشه وبطولاته - وعلى ضآلة امكانياته وطاقاته آنذاك الامر الذي مكننا من انقاذ ذلك الجزء الغالي من فلسطين الغالية والذي عرف فيما بعد باسم الضفة الغربية للمملكة الاردنية الهاشمية. ثم موقف الاردن من نتائج تلك الحرب. حين فتح ذراعيه وقلبه لاستقبال الالوف المؤلفة من ابناء فلسطين الذين شردتهم القوى الصهيونية العاتية عن ديارهم، وتضحيات شعبه التي دفعته، لاقتسام لقمة العيش مع اخوانه المهاجرين على الرغم مما كان يواجهه ويعانيه من مشاكل اقتصادية معقدة، وأخيرا موقف الاردن من العدوان الاسرائيلي الذي وقع على الامة العربية والذي بدأ بالهجوم على الجمهورية العربية المتحدة الشقيقة صبيحة الخامس من حزيران ( يونيو ) 1967 ومسارعة الاردن، أيمانا منه بوحدة الامة والمصير، الى خوض معركة الشرف والكرامة الى جانب الشقيقة الكبرى مستهينا بالتضحيات مهما عظمت، وبالخسارة ونتائجها مهما جلت واتسعت، وبالرغم من كل المؤثرات التي كانت تنذر بسوء العاقبة بسبب غياب التخطيط العربي بعيد المدى، وفقدان الاعداد المسبق لمواجهة الخطر مع معرفة مداه في المرحلة التي سبقت المعركة، وعلى نطاق الوطن العربي كله، وهو ما كنت شخصيا قد حذرت من مغبة غيابه خلال فترة طويلة فأسيء فهمي وذهبت صيحاتي أدراج الرياح.

          بعد هذا أصل الى صلب الموضوع الذي اردت ان اطرحه اليوم امام تفكيرنا المشترك، وذلك لصلته المباشرة بقضيتنا المقدسة ومصيرنا المشترك على حد سواء:

          1 - تتردد في الاجواء أقوال يسمع صوت اصحابها بوضوح، حول اقتراح يبدو ان بعض الدول الكبرى تتبناه لاقامة دولة فلسطينية تضم على ما نعتقده نحن جزءا كبيرا من الضفة الغربية من المملكة الاردنية الهاشمية، وليست الضفة بكاملها، وقطاع غزة وذلك كجزء من تسوية شاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، وكشرط لتمرير تلك التسوية.

          2 - تقول بعض أوساط المقاومة الفلسطينية ان هذا


(1) أرخت هذه الرسالة في الخامس والعشرين من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1970 في عمان، ونشر نصها في عمان بتاريخ الحادي والثلاثين من آذار ( مارس ) 1971.

<1>