إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول ما يتردد عن اقتراح لإقامة دولة فلسطينية
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 243 - 246 "

الاقتراح قد لقى حماسا ملموسا من لدن بعض الدول العربية، وان ذلك الاقتراح، في رأي تلك الدول، يشكل صيغة مناسبة تساعد على ايجاد حل او مخرج من مأزق القضية الفلسطينية.

          3 - لقد توفرت لدى السلطات الاردنية معلومات تفيد بان عدة دول عربية شقيقة قد اتصلت ببعض الدول الكبرى ونقلت اليها موافقتها المبدئية على انشاء الدولة الفلسطينية المقترحة او اقامة حكومة فلسطينية بالمنفى أو غير ذلك من الصيغ المشابهة واستحسانها للفكرة. وان بعضها قد اقترح على دولة كبرى أو أكثر التوسط من أجل اقناع المبعوث الدولي غونار يارينغ بالبدء باتصالات مع الفلسطينيين واجراء محادثات معهم في نطاق محادثاته المرتقبة مع الدول المعنية في الشرق الاوسط.

          4 - ان الجو مشحون باصداء ذلك كله في الضفة الغربية من المملكة الاردنية الهاشمية وبما وقع حتى الآن من محاولات جدية انطلقت من تلك الضفة وكان بعضها بالطبع، من مبادرة العدو الاسرائيلي مثلما كان بعضها الآخر - على ما يبدو - بمبادرات عربية مختلفة.

          5 - ان مما يلفت النظر ويسترعى الانتباه ذلك التوافق في الخطو والتوقيت بين انطلاق التفسيرات الجديدة لقرار مجلس الامن الدولي رقم - 242 - الصادر بتاريخ 22 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1967، والتي تقول ان القرار يجعل من حق المبعوث الدولي الاتصال بالفلسطينيين واجراء محادثات معهم، وبين ظاهرة الانقسام في الرأي الرسمي العربي، عند التصويت على مشروع القرار الآسيوي الافريقي الاخير في الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة.

          امام كل السحب التى تطلقها مجموعة المعلومات والحقائق سالفة الذكر في جو القضية الفلسطينية، والقلق الذي تثيره في الضمير العربي كله، ويتعاظم عندنا في الاردن الشعور بالخطر الذي ما كان يوما ليهددنا وحدنا ، ولكنه كان دائما يهددنا بمقدار ارتباطنا بفلسطين قضية وشعبا مثلما يهدد في الوقت ذاته أمتنا العربية ومستقبلها ومصيرها، ونحن في الاردن لم ننظر للقضية يوما نظرة الطامع في مكسب او مغنم، وانما ارتبطنا بها ارتباط حياة ومصير وبذلنا ثمنا لذلك أعواما من العرق والسهر والدموع وقوافل من الشهداء ومواكب من التضحيات والى جانب ذلك كله فلدينا في الاردن الاعتبارات التالية:

          1 - اننا في الاردن نقف على اطول خطوط المواجهة العسكرية مع العدو وبالتالي اخطرها.

          2 - ان الاردن وفلسطين قد ارتبطا شعبا ومصيرا. والاردن حين يعمل لاستعادة الضفة الغربية وسائر الاراضي التي احتلها العدو في حزيران ( يونيو ) 1967 يقدر كل التقدير أن العدو متمسك بالارض الفلسطينية الاقليمية وبالقدس والضفة الغربية بشكل خاص أكثر من تمسكه بالارض العربية خارج حدود فلسطين الاقليمية، وهي التي نقدر بانه قد لا يمانع في الانسحاب منها ان عاجلا أو آجلا.

          3 - ان الاردن بحكم كونه موطن المهاجرين من ابناء فلسطين، وبحكم استراتيجية موقعه الجغرافي ووقوعه على أطول خطوط المواجهة، هو هدف رئيسي من أهداف العدو. ويظل الاردن من أهم عناصر التأثير علي العدو وبالقدر الذي يتيحه توفير ما يحتاجه الاردن من الدعم العربي المادي والمعنوي.

          4 - ان تاريخ القضية الفلسطينية مليء بالشواهد على ان الموقف العربي يعود دوما الى القبول اليوم بما كان قد رفضه بالامس، وتجري الامثلة على ذلك ابتداء بما سبق قرار تقسيم فلسطين، ومرورا بقرار التقسيم نفسه وما أعقبه، ثم قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 المتعلق بكارثة حزيران ( يونيو ) 1967 والقبول بما فرضه الواقع.

          ان هذه الخاصية في الموقف العربي تسوقنا الى تحسبات كثيرة مثلما تثير فينا قلقا عميقا، فان العدو بمواجهة الضغوط العالمية التي تقع عليه، لا بد وان يستهدف الاردن بشتى الوسائل والسبل، ولا سيما عن طريق العمل على تحطيم وحدته الوطنية واضعافه وانهاكه تمهيدا لخلق المناخ المناسب للاجهاز عليه وخلق واقع جديد فيه، ومن ثم التراجع الى اقل بكثير مما يطالب به الاردن ويسعى لتحقيقه الآن من حيث استعادة الضفة الغربية بما فيها القدس وسائر الاراضي العربية المحتله، تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 242. وفي تصور العدو، في تقديرنا، وفي ضوء ما يدل عليه تاريخ القضية الفلسطينية ان العرب سيقبلون بذلك كما كان شأنهم في السابق. وربما يركز العدو عندئذ على تصفية القضية تصفية نهائية من خلال تحويل الضفة الشرقية وما يجري التراجع عنه من الضفة الغربية وقطاع غزة الى دولة يوطن فيها الفلسطينيون ويتعامل معها وينفتح من خلالها على التعامل مع دول المشرق العربي بحكم واقع الضفة الشرقية ووضعها الاستراتيجي الاكثر عمقا في قلب الوطن العربي. وماذا يضير العدو لو تكررت من جديد المأساة التي حلت بالفلسطينيين حين انتزعت أرضهم وديارهم منهم لتحل بالشعب العربي هنا في هذا الجزء الصامد وبالعرب من ورائهم في كل مكان.

          5 - لقد كانت حركة المقاومة الفلسطينية وستظل منا والينا. ولقد رعينا تلك الحركة واحتضناها واحجمنا فترة طويلة عن كشف السلبيات الخطيرة التي اكتنفتها

<2>