إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

   



مذكرة الخارجية اللبنانية إلى سفراء الاتحاد السوفييتي، وبريطانيا، وفرنسا، وأمريكا، حول الاعتداءات الإسرائيلية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 22 - 23"

مذكرة وزارة الخارجية اللبنانية إلى سفراء الاتحاد
السوفييتي، وبريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة
الأميركيه، حول الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.

بيروت، 10/ 1/ 1970

 

(النهار، بيروت، 11/ 1/ 1970)

        تتكرر الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، منذ أيام، وحتى مرارا في اليوم الواحد. وتسبق هذه الاعتداءات، ثم ترافقها وتعقبها تهديدات يطلقها، من الإذاعة والتلفزيون والصحافة، مسؤولون إسرائيليون باتوا لا يكتمون نيتهم العدوانية، ليس ضد أمن لبنان فحسب، بل كذلك ضد سلامة أراضيه.

         ان تصعيد العنف الذي نشهده يرتدي، في هذه الفترة، بما لا يقبل الجدل، طابعا مزدوجا. فهو، من جهة، ينصب على السكان المدنيين، ومن جهة أخرى، لم يعد يهتم حتى بالتذرع باطلا، على مألوف عادته، بأنه يرد على المقاومة الفلسطينية، علما بأن هذه الذرائع لا يمكن أن تلقي على لبنان أية مسؤولية، بل تتحمل تبعتها إسرائيل وحدها، لأن وجود الفلسطينيين ونشاطهم في الأراضي اللبنانية ناجمان عن سياسة إسرائيل العدوانية التي أدت إلى تشريد الفلسطينيين والتي ترفض الرضوخ لقرارات الأمم المتحدة.

         إن أعمال العنف المرتكبة ضد الأهداف المدنية والعسكرية على السواء دونما تمييز بينها، تعتبر دائما وفي كل مكان أعمالا بربرية، فكيف إذا هي استهدفت المدنيين، وخاصة إذا ما استخدم المعتدي في تركيزه على المدنيين قواته النظامية لخطف عدد منهم.

         إن هذا التصرف يذكر بأظلم مرحلة من مراحل السياسة المعروفة بسياسة الرهائن والتي أخذت بشدة على أجهزة القمع النازية في الحرب الأخيرة، كما يعيد إلى الأذهان ما يعرف بالمسؤولية القبلية، أي السياسة التي كانت تمارس في أقدم العصور، والتي خيل أن حضارة عريقة ترقى إلى العديد من القرون قد أزالتها. ان مثل هذا التصرف، لا بد من استنكاره باسم كل الاتفاقات وكل الشرائع الإنسانية والالهية.

         ان تفاصيل الاعتداءات الإسرائيلية كانت تبلغ في كل مرة مجلس الأمن وبكل دقة. وإذ يبلغ لبنان اليوم، ممثلي الدول الأربع الكبرى التي تضطلع بتبعات خاصة في مجلس الأمن، ويرفع هذا الاحتجاج إلى حكوماتهم، فهو لا يستند إلى حقوقه ومصالحه المشروعة فحسب، بل كذلك إلى الشروط الأولية لحياة الإنسانية المتحضرة.


<1>