إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) بيان السيد تقي الدين الصلح، رئيس مجلس الوزراء اللبناني، حول الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان
المصدر:"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 233 - 235"

وهم مستعدون لان يضعوا في تصرفه طاقاتهم المادية والمعنوية. وقد تقدمت، حتى الآن، اربع دول شقيقة بعرض معونة عسكرية لدعم الصمود اللبناني، وهذه المعونة هي الآن موضع بحث في يد المعنيين.

         وان تحسس العرب لخطورة المرحلة التي نجتازها اوحى بضرورة الاجتماع والتشاور، فلبت الدول الشقيقة دعوة الكويت لعقد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع العرب، وذلك، كما ورد في نص الدعوة، " للقيام بعمل حاسم لحماية الشعبين العربيين الشقيقين، لان الامر اصبح يتجاوز المسؤوليات الثنائية، ويتطلب جهداً عربياً جماعياً".

         لقد واجهت الحكومة الموقف الناشىء على الصعيدين الدولي والعربي. فالاتصالات التي قمنا بها مع سفراء الدول الصديقة، ولا سيما ذات المقعد الدائم في مجلس الامن، وخاصة الدولتين الكبريين المعنيتين مباشرة بقضية السلام في المنطقة، قد أكدت وجهة النظر اللبنانية وعدالتها، كما أكدت تفهم هذه الاطراف لها.

         وقد ابلغنا ممثلي الدول انه يجب ان يفهم المعنيون، وخاصة الدولتان الكبريان، ان الاعتداء على لبنان لا يصيب أمن لبنان وحده، بل هو يهدد بشكل مباشر مسيرة السلام في المنطقة، وانه يناقض المعاني الايجابية التي تولدت من حوار المصلحة والعقل والمبادئ الدولية، الذي دار بين العرب والرئيس الاميركي ووزير خارجيته، وحمل امكانيات نتائج محسوسة.

         لقد أبلغنا السفير الاميركي تخوفنا من ان تكون تصريحات الرئيس نيكسون قبل مغادرته تل ابيب، قد اخذتها اسرائيل بمثابة الضوء الاخضر، الا ان الجانب الاميركي أزال اللبس مؤكداً مضمون رسالة الرئيس نيكسون للرئيس سليمان فرنجية في حرص الولايات المتحدة على سيادة لبنان وسلامة حدوده.

         وفي نطاق عملنا السياسي والدبلوماسي، قمنا، منذ البدء، باتصالات ثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة. ونحن في مشاورات مستمرة معهم في سبيل دعوة مجلس الامن للانعقاد، ولكن بشكل يكفل فعالية اكثر من السابق.

         ليس المهم ان تدان اسرائيل، المهم ان ترتدع اسرائيل.
         لقد سبق ان ادينت اسرائيل منذ زمن قريب ادانة شديدة أدت الى انسحاب مندوبها من مجلس الامن، ولكنها لم تنفذ قرارات المجلس، وعادت الى اعتداءاتها كالسابق. اننا نعمل على ان يقترن موقف الادانة بفعالية رادعة كفرض العقوبات. وهذا ما كان موضوع بحث وتوصية في مؤتمر كوالا لامبور للدول الاسلامية.

         اننا نتشاور كذلك مع اخواننا الفلسطينيين الذين نواجه، نحن واياهم، العدوان الاسرائيلي، وتمتزج دماء ضحايانا بدماء ضحاياهم في مواجهة الظروف الدقيقة القائمة، بما فيه ضمان سيادة وسلامة وأمن واستقرار لبنان، ونحن واثقون انهم يحرصون على ذلك كله حرص اللبنانيين انفسهم.

         ونحن نجد لدى الاخوان الفلسطينيين ليس الرغبة فقط، بل الانفتاح على تقدير الوضع، وخاصة على الحدود، والسعي لايجاد افضل الحلول لتفادي المزيد من الخسائر في الارواح علينا كلانا.

         ايها السادة، اننا نرفض حجة اسرائيل بمسؤولية لبنان التي تدعيها كل مرة، والتي اصبح غيرنا في العالم يقتنع بأنها منطلقة من نزعة عدوانية ومن ظروف اسرائيل الداخلية. وكثيرون اصبحوا يرددون معنا ان الاعتداءات الشرسة التي تقوم بها على اراضينا، هي لمعالجة ازمتها الداخلية. ويكفينا، في هذا المجال، أن نردد ما قاله احد المسؤولين الاسرائيليين ان أمن اسرائيل هو مسؤولية حكومة اسرائيل وليس مسؤولية الحكومة اللبنانية. نعم يجب ان تفهم اسرائيل اننا نرفض ان نكون شرطياً لامنها.

         ان كل تفكير او جهد يبحث عن حل لمعضلة الشرق الاوسط وعن طريق الى السلام فيه دون ان يأخذ بعين الاعتبار قضية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية في تقرير مصيره والعودة الى ارضه، ان كل تفكير او سعي من هذا النوع لن يؤدي الى حل حقيقي وثابت.

         فقضية الفلسطينيين هي اصل الاضطراب الذي يسود المنطقة منذ ربع قرن، ولا حل ولا سلام إلا بحل المعضلة اساس النزاع.

         واخيراً، فالدعامة الاولى لقوة لبنان هي هذه الروح العالية من وحدة الكلمة، وتراص الصف، والتصميم، والصمود في وجه المحاولات السياسية الخبيثة والعسكرية الاسرائيلية الشرسة.

         فسياسة زرع القلق في لبنان التي تعتمدها اسرائيل، وسياسة إحداث الشقاق بين اللبنانيين واخوانهم الفلسطينيين، يواجههما لبنان بالوعي الوطني والنضج السياسي وبأمانته للطريق الذي رسمه لنفسه.

         واننا في هذا الوقت، ونحن نواجه الظروف القائمة في لبنان والمنطقة، نشعر اننا اقوياء بما يتحلى به شعب لبنان دائماً في الازمات من رباطة جأش وشجاعة وايمان.


<2>