إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) مذكرة المؤتمر الدائم للرؤساء العامين للرهبانيات اللبنانية والرابطة المارونية إلى مجلس النواب حول " الصيغة اللبنانية "
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية 1975، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 11، ص 537 - 541 "

          وفهم الميثاق على غير هذا الوجه يفسح المجال، عند اعادة النظر في الدستور التي يطالب بها الطرف الاسلامي، لمطالب معاكسة يتقدم بها الجانب المسيحي تداركا لخطر الاخلال بالتوازن بين النزعتين العامتين اللتين تكونان الميثاق.

          ومهما يكن من مصير المطالب الاسلامية، فانه يبدو للفريق المسيحي ان مجرد تقديمها يقيم الدليل على ان الجانب الاسلامي ما يزال يعمل منفردا على خرق ميثاق ثنائي وافراغه من جوهره، اي مفهوم السيادة اللبنانية والولاء للبنان.

          الامر الثاني: الذي من اجله نذكر بميثاق 1943، هو التدليل على ان مبررات الميثاق وما انطوى عليه من ضمانات تطمينية، لا تزال قائمة، بل ازدادت حدة وإلحاحا. فمخاوف المسيحيين ما زالت تتفاقم بفعل تراكم اسبابها، ومن هذه الاسباب المستجدة:

          اولا : استقطاب كل حركة وحدوية في البلدان العربية ولاء مسلمي لبنان من الفيصلية، الى الناصرية، الى البعث، بشقيه السوري والعراقي، الى الثورة الفلسطينية.

ثانيا : النظرة العدائية التي ينظرها الفريق الاسلامي الى كل موقف لبناني صرف تغلب فيه المصلحة اللبنانية، واتهام الفئات " اللبنانية " بالانعزالية والعمالة للصهيونية وللاستعمار وباليمينية الرجعية وبالتحجر.

          ثالثا : الطفرات التعصبية التي برزت من خلال الاحداث الاخيرة:

          من اجتياح للقرى المسيحية وتنكيل بأبنائها وتهجيرهم، الى ذبح الرهبان في صوامعهم، الى الاعتداء على الكنائس والاديرة وانتهاك مقدساتها.

          رابعا: المقالات عن موقف المسلمين من الحكم غير المسلم ينشرها ذوو صفة فتعيد الى الاذهان ما تكون قد نسته من احكام الشريعة بشأن اهل الذمة، والخطب يبثها عبر الاذاعة اللبنانية الرحمية رجال دين يخاطبون بها المسيحيين بـ " ايها الغرباء " زاعمين مع هذا اننا وكل العرب امة واحدة فككها الاستعمار اوطانا.

          خامسا: الارهاب الفكري الذي تمارسه صحافة تصدر في لبنان بأموال غير لبنانية، وتأتمر بارادة غير لبنانية، وتعمل على تهديم لبنان من الداخل واستعداء الغير عليه.

          كل هذه الاسباب، مضافة الى ذكريات التاريخ الموجعة، تزكي مخاوف الفريق المسيحي في الميثاق الوطني، وتبرر اصرار هذا الفريق على التذكير بالميثاق وبدوافعه ومراميه.

          ان الفرصة الاخيرة لاحياء صيغة التعايش والتآلف اللبنانية الفذة والرائدة، هي في بعث الميثاق الوطني على حقيقته، وفي الالتزام به روحا ونصا، علما ان لهذه الصيغة حتميات لا تستقيم الا بها، عنينا:

<7>