إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (5) محضر محادثة بين النحاس وسير وليم سليم في 5 يونيه 1950

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 593 -600"

فى الحال. وإذا كان هناك درس تعلمناه فهو أن الدفاع الجوى يجب أن يكون موجودا قبل نشوب الحرب، كما يجب أن يكون معدا فى مراكزه من قبل، وإن ما أتخيله هو نظام دفاع جوى مشترك عن مصر يمكن فيه تبادل الفرق المضادة للطائرات ولا يهمنى تحت أية قيادة يكون ولكنى لا أعرف فى الوقت الحاضر أى قائد مصرى يقوم بذلك. ويجب أن يكون فى هذا النظام للدفاع الجوى وحدات جوية بريطانية فنحن البلد الوحيد الذى يملكها ويعرف كيف يستخدمها.

        أما فيما يتعلق بالجيش. فيجب أن يكون لنا جيش مشترك وتدريب مشترك فالعلاقات التى تقوم بين الجيش المصرى والجيش البريطانى فى كل هذه النواحى علاقات حسنة. فإذا قبل ذلك أفضى إلى نتائج طيبة ولا يسعنى إلا أن أنوه بأن رفعة رئيس الوزراء يستطيع بمركزه العظيم فى الحكومة وعند الشعب أن يبين للناس أن هذا مبدأ جديد وليس المبدأ القديم ولا ينطوى على معنى الاحتلال.

        وإنى أعتذر الآن إلى رفعه رئيس الوزراء عن إلقائى مثل هذا الخطاب الطويل على غير عادة الرجل العسكرى.

        النحاس (باشا) - أود أولا أن أشكر سعادة الفيلد مارشال على هذه الثقة. ولكنى أعلم علم اليقين بصفتى زعيما للشعب أن الشعب حانق وناقم ولا يمكن أبدا أن يركن لوعود جديدة أو يقبل نظريات مستحدثة ترمى فى النهاية إلى بقاء قوات أجنبية فى مصر تحت أى اسم أو بأية صفة. ولا يمكنى قط أن أقتنع أو أقنع الشعب أن بقاء جيش أجنبى فى بلادنا وقت السلم يعنى شيئا آخر غير نوع من أنواع الاحتلال والانتقاص من السيادة. ولقد قاسينا كثيرا من التجارب المريرة المتكررة الماضية إذ وقفت إلى جانبكم ووجهت الشعب إلى أن يبذل لكم كل معاونة مادية ومعنوية فى الحرب الأخيرة ولم أفعل ذلك طبقا لمعاهدة سنة 1936 فحسب، وإنما فعلته إيمانا بقضية الحرية. وكان الشعب من ورائى يخدمكم ويضع مرافقه تحت تصرفكم ويساعدكم بقلبه وروحه كما فعل فى الحرب العالمية الأولى وأعطاكم محاصيله وسخر لكم سككه الحديدية ومواصلاته وسائر مرافقه فى سبيل خدمة قضية الحلفاء انتظاراً لتحقيق الوعود بالجلاء والاستقلال التام فلم يصدق أى وعد. ولا أستطيع أن أوافق سير وليم سليم على ما يقوله من قطع الصلة بين الماضى والحاضر. فإن الماضى ماثل أمامنا لا يمكن تجاهله أو نسيانه ويتلخص فى الاحتلال الطويل والوعود التى لم تتحقق. فكيف يمكننى أن أثق الآن أن أقبل نظرية جديدة لا تختلف فى نتيجتها عن تجارب الماضى.

        يمكنك أن تقول إن ثقة الشعب قد ضعفت فى وعودكم ونظرياتكم وكذلك فى الدول الكبرى المسيطرة على العالم. لماذا نقف إلى جانبكم ونعرض أنفسنا للقتل وأراضينا للخراب ونفقد مواردنا ومرافقنا إذا لم نكن نعرف يقينا أن مطالبنا ستحقق فى هذه المرة الثالثة. إننا لا نستطيع أن نقول للشعب إننا سنقطع الصلة بين الماضى والحاضر ما دام الحاضر صورة من الماضى مهما اختلفت أوصافه ومعالمه.

<4>