إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (14) محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 645 - 651"

وسيلة أخرى تستطيع بها تحقيق مطالبها. ولكن الوفد بعد انتصاره في الانتخابات العامة الأخيرة استطاع مع ذلك أن يواجه الرأي العام بأنه سيحاول المفاوضة من جديد وقبل الرأي العام ذلك منه على مضض، ولسبب واحد هو يقين المواطنين في مصر والسودان من أن الوفد إذا دخل المفاوضة فإنما يدخلها على أساس تحقيق مطالب البلاد كاملة غير منقوصة. فإذا فشلنا في هذه المرة فأخشى أن يفقد المصريون نهائيا كل رجاء في إمكان حل مشكلاتنا عن طريق المفاوضة وبذلك تزداد أزمة الثقة استحكاما ونصل إلى المأزق الذي لا مخرج منه. ولا يخفى عليكم ما في ذلك من ضرر بليغ للطرفين وكيف تستطيع الدعاية الشيوعية أن تستغله في الداخل والخارج بالإضرار بنا جميعا.

         والآن ينتظر الرأي العام كما تعلمون بفارغ الصبر نتيجة مباحثاتنا. وتطالبنا الصحافة كل يوم بأن نفصح لهم عما يجري وسيأتي قريبا جدا الوقت الذي يجب علينا فيه أن نصرح بشيء جدي. ومن المرجح أن أغادر مصر إلى أوربا في الأيام الأولى من شهر سبتمبر لأقابل رفعة النحاس باشا وسأسافر بعد ذلك إلى أمريكا لحضور اجتماعات الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة ولا ينتظر أن أعود قبل نهاية أكتوبر أو أوائل نوفمبر. إن البرلمان المصري يجب أن يجتمع في الأسبوع الثالث من نوفمبر وفى هذا الاجتماع يلقي خطاب العرش ولا بد لنا فيه من أن نقدم إلى البرلمان وإلى الشعب حسابا من سياستنا الخارجية ونتائجها في السنة المنصرمة أي إن الأسبوع الثالث من نوفمبر هو في الواقع الحد الذي يتعين فيه أن تُعرف مصائر الأمور بل يتعين أن نعرفها قبل ذلك بزمن كاف ليتسع لنا الوقت لإعداد ما نقول.

         لقد وجهتم إلى رجاء يتلخص في أن نعمل على إقناع الشعب بالأخطار المحيطة وتعذر إجابة مطلبه الخاص بالجلاء الكامل الناجز في الظروف الدولية الحاضرة وأنا بدوري أوجه إليكم رجاءا أن تتركوا جانبا تصلب العسكريين ومبالغاتهم المعروفة التي هي في الواقع جزء من مهنتهم وأن تعالجوا الأمر من وجهتيه السياسية والنفسية وهما في اعتقادي أولى بالاعتبار في الظروف الحاضرة من وجهة النظر العسكرية البحتة وبخاصة إذا شابتها المبالغة كما لاحظت في آراء رجالكم العسكريين.

         إنكم لستم الآن في حرب حقيقية. ولكنكم في حرب باردة وقد يطول أمد هذه الحرب الباردة وأؤكد أن بقاء الاحتلال والإصرار على الآراء الاستعمارية القديمة من أمضى الأسلحة التي تستخدم في الدول الغربية في هذه الحرب الباردة فإذا انتقل الحال لا قدر الله إلى حرب حقيقية فيجب أن يعلم العسكريون أن حالة الشعوب النفسية ورضاهم واقتناعهم بالقضية التي تجري الحرب من أجلها وإخلاصهم المبني على هذا الاقتناع، كل هذه أمور أنفع وأجدى من الاستعدادات العسكرية المحضة التي يحيط بها سخط الناس وتبرمهم، بل إن هذه العوامل النفسية كثيرا ما تكون حاسمة في نتائج الحروب.

<4>