إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (17) محضر محادثة بين وزيري الخارجية البريطانية والمصرية
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 659 - 665"

تسجيله في خطابات متبادلة) للظروف التي يسمح فيها للقوات البريطانيه بالعودة إلى مصر. فإذا أمكن ذلك أمكن تجنب الاضطراب السياسي في المستقبل وأخيرا فإنه يود أن يبحث مع مصر إمكان إشراك دول عربية أخرى في تدبيرات الدفاع عن الشرق الأوسط.

       وختم المستر بيفن قائلا إنه أوضح أفكاره بكل صراحة وهو يرجو أن لا يساء استعمال ثقته ومع ذلك فإن عليه أن يؤكد أنه إنما قال ما قال على مسؤليته وحدها وأن كل اقتراح عرضه يجب أن ينال موافقة حكومته ومستشاريها.

       دكتور صلاح الدين (بك) - أرى من واجبي أن أوضح لكم أمرين أعتقد أن من المهم جدا إيضاحهما لكي تفهموا موقف الحكومة المصرية وموقف الشعب المصري على حقيقته. لقد أبديتم عدم الميل إلى كلمة الجلاء وأكدتم أن جميع أعضاء مجلس العموم لا يميلون إلى هذه الكلمة التي انعقد عليها الإجماع في مصر إلى الحد الذي جعلكم تصفونه بأنه قد أصبح قولا معادا ولكن المصريين لا يرددون هذه الكلمة اعتباطا ومن غير سبب فقد احتلت بريطانيا مصر منذ سبعة وستين عاما واحتجت مصر دائما على هذا الاحتلال. وكان الساسة البريطانيون يؤكدون دائما أنه احتلال مؤقت ويبذلون الوعود المتكررة بالجلاء ولكن شيئا من ذلك لم يتحقق. وانتهزت بريطانيا العظمى فرصة الحرب العالمية الأولى فأعلنت الحماية على مصر تلك الحماية التي لم يقبلها الشعب المصري كما لم يقبل الاحتلال. وترتب على ذلك قيام الحركة الوطنية المصرية بعد نهاية الحرب. وكان انتصار الحلفاء في هذه الحرب يسمح لبريطانيا بالاستجابة لمطالب. ولكنها لم تفعل وحاولت في جميع مفاوضاتها مع الحكومة أن تستبقى الاحتلال فعلا وأن تستبقى أيضا معنى الحماية إلى أن عقدت معاهدة 1936 التي تخلصت فيها مصر من كل أثر للحماية. ولكنها لم تتخلص في الواقع من الاحتلال. وقد كان السبب الأكبر الذي دعا مصر لعقد معاهدة سنة 1936 هو ما اعتقدناه من أن هذه المعاهدة ستنتج لمصر تقوية جيشها وبالتالي التخلص من الاحتلال الذي قاومه الشعب المصري أكثر من ستين عاما ولكن الحوادث التالية خيبت ظن مصر. وبالرغم من البعثة العسكرية البريطانية التي نص عليها في المعاهدة فقد بقى الجيش المصري ضيعفا وبقيت بريطانيا متمسكة بحجة ضعفه لبقاء قواتها في مصر ومن أجل هذا يتمسك الشعب المصري بكلمة الجلاء ويميل إليها بمقدار ما تبغضونها أنتم في بريطانيا. والسبب هو تاريخ الاحتلال وأثره السيئ في الجيش المصري وإخلاف الوعود الكثيرة التي بذلها الإنجليز بالجلاء. هذا هو الأمر الأول الذي أحرص على إيضاحه لتكون عندكم فكرة صحيحة عن موقفنا.

       والأمر الثاني هو ما يخالجنا من شك في أي ترتيب يتفق عليه لتقوية الجيش المصري وتعليق جلاء القوات البريطانية على تمام هذه التقوية. وبالتالي للوفاء بوعود الجلاء المتكررة بل إن المدة التي مضت منذ عقد معاهدة 1936 كافية وحدها لهذا الغرض. ومع ذلك بقى الجيش المصري في حالته الراهنة، وبقى الاحتلال بحجة ضعف هذا الجيش أي أننا أمام حلقة مفرغة يتعين من وجهة نظر الحكومة المصرية الخروج منها ولا يكون ذلك إلا بتحديد وقت معين لجلاء القوات البريطانية عن مصر دون أن تربط بين ذلك وبين الترتيبات التي يتفق عليها لتقوية الجيش المصري.

<5>