إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



إنجلترا تفاوض مصر
تابع (1) تقرير اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر (لجنة ملنر)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ص 33 - 92"

حين كان الضغط السياسي شديدا، وكان مؤتمر الصلح بوشك أن يفتح، ولكن يظهر أنهم لم يدركوا فى تلك الساعة الحرجة وجوب البحث فى المسألة المصرية حالا مع أن المعتمد السامى ألح عليهم فى مقابلة الوزيرين، فلم يدخروا وسعا فى إقناع رشدى باشا باسترجاع استعفائه وضربوا موعدا لمقابلة الوزيرين، ولكن مركز أنصار الحركة الوطنية كان قد قوى واعتز فى مصر حتى أن الوزيرين اشترطا فى سفرهما أن يسمح لزغلول باشا ورفاقه بالسفر مثلهما. ولما لم يروا من الموافق السماح بذلك أصر الوزيران على الاستعفاء، فطلب المعتمد السامى إلى انجلترا لاستطلاع رأيه فى الحالة.

        وكانت نتيجة هذه الحوادث أن بعض المعتدلين انضموا إلى المتقدمين من أهل الحركة الوطنية، ونهض هؤلاء يطالبون بسياسة أبعد مدى، وحمل عمالهم حملة شديدة على الإنجليز فى طول البلاد وعرضها حيث لم يبق إلا قليلون من الموظفين البريطانيين بسبب الحرب.

        وبينما كان البحث دائرا على سفر الوزيرين المصريين إلى لندن فى أوائل سنة 1919، أرسلت مذكرة إلى وكلاء الدول فى مصر بتأليف وفد من اثنى عشر عضوا تحت رياسة زغلول باشا وغرضه عرض أمانى مصر المشروعة على الدول الأخرى، وكان معظم أعضاء الوفد أعضاء لجنة وطنية تألفت فى آخر السنة السالفة من أربعة عشر عضوا.

        وفى الثالث من شهر مارس رفع الوفد عريضة إلى السلطان أوّلها الجمهور بأن الغرض منها محاولة إرهاب عظمته ومنعه تأليف وزارة جديدة، فعدّ ذلك تحديا لا يمكن السكوت عنه، فقر رأى السير ملن شيتهام القائم بأعمال المعتمد السامى بعد موافقة الحكومة البريطانية على إبعاد زغلول باشا وثلاثة من أشد أنصاره إلى مالطة، فأفضى ذلك إلى تجدد التحريض والاحتجاج وبدأ الطلبة بالقاهرة بمظاهرات ضد الإنجليز أوجبت مداخلة الجنود على عجل. وجاءت أنباء الأقاليم بحدوث مثل هذه الفتن، وفى 12 مارس حدثت فتنة فى طنطا فأخمدها الجنود بعد سفك دم. ولم يأت اليوم الرابع عشر والخامس عشر من مارس حتى كانت الاضطرابات قد انتشرت فى معظم مديريات الوجه البحرى وعم فيها الهجوم على المواصلات لقطعها ووردت الأنباء من أماكن كثيرة بالسلب والنهب والاعتداء على الجنود البريطانية وقتل بعضها وبعض الملكيين، وفى 16 منه قطعت سكة الحديد والأسلاك التلغرافية بين القاهرة والوجهين البحرى والقبلى. ولم يأت يوم 18 مارس حتى كانت مديريات البحيرة والغربية والمنوفية والدقهلية قد جاهرت بالثورة. وقد قطعت المواصلات تماما بين القاهرة والوجه القبلى والأجانب المقيمين فيه، وبلغ تعصب الثوار أشده فى ذلك اليوم بقتل ضابطين بريطانيين وخمسة من غير الضباط فى ديروط ومفتش إنجليزى فى مصلحة السجون وهو راكب القطار بين مصر وأسيوط والمنيا، ولكن عادت الحالة فهدأت فى 26 مارس من الوجهة العسكرية المحضة. فأعيدت المواصلات بخط سكة حديد الأكبر والتلغراف ورتبت الجنود اللازمة لحراستها، ووجهت القوّات العسكرية فى جهات مختلفة
<19>