إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



إنجلترا تفاوض مصر
تابع (1) تقرير اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر (لجنة ملنر)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ص 33 - 92"

(ب) مذكرة 18 أغسطس سنة 1920

        ولما بلغت المسألة هذه المرحلة اقترح المصريون توقيف البحث والمناقشة إلى حين، ريثما يزور بعض أعضاء الوفد القطر المصري ليوضحوا للناس هناك ماهية التسوية التي تميل اللجنة إلى تحبيذها، والمنافع العظيمة التي تنتفعها مصر منها. فإذا أحسن الناس ملقاهم كما يؤملون كان ذلك توكيلا لهم يسوّغ للوفد بعد رجوع رسله أن يتكفل بتأييد اقتراحاتنا بلا قيد ولا شرط. فاستصوب زغلول باشا هذه الفكرة، ولكنه لم يشأ أن يسافر بنفسه، ورغب ثلاثة أو أربعة من رفاقه في السفر.

        وكان لهذا الاقتراح مزايا ظاهرة في نظر الأعضاء المصريين، لأنه يمكّن رسلهم أن يحثوا على قبول بعض الشروط من غير أن يتقيدوا بها فلا ينفردوا بذلك عن حزبهم إذا لم تقابل تلك الشروط بالرضا والاستحسان. وكان لهذا الاقتراح مزايا لنا نحن أيضا لأن المناقشة التي تقع بين الجمهور في مصر على أثره تمكننا من سبر غور الرأي المصري أكثر مما تيسر لنا سبره فيما مضى، وأن نقارن بين قوة المعتدلين وقوة المتطرفين من أنصار الحركة الوطنية. وعليه كتبت مذكرة حاوية بعبارة مجملة أشهر خصائص التسوية التي تحبذها اللجنة وتشير بقبولها على الشرط المعين آنفا. فكان وضع هذه المذكرة خاتمة المساعي التي سعيناها لإفراغ نتيجة مناقشاتنا في قالب معين وعلى شكل محدود. وكان الغرض منها تمكين رسل الوفد من استخلاص عبارة تعرب عن الرأي العام المصري، فهذه المذكرة التي سميت اتفاق ملنر و زغلول ليست اتفاقا كما هو ظاهر عليها، وإنما هي رسم للقواعد التي يمكن أن يبنى عليها اتفاق بعد وضعها. فدفعها اللورد ملنر إلى عدلي باشا الذي كان وسيطا بين الفريقين، وكان له نصيب عظيم في كل مفاوضاتنا، وطلب منه أن يوصلها إلى زغلول باشا وأصحابه، وكان المفهوم أنهم يستعملونها كما شاءوا في مناقشاتهم العمومية وهي مؤرخة في 18 أغسطس وهذا نصها:

        إن المذكرة المرسلة مع هذا هي نتيجة المحادثات التي دارت بلندن في شهري يونيه وأغسطس سنة 1920 بين اللورد ملنر وأعضاء اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر، وبين زغلول باشا وأعضاء الوفد المصري. وقد اشترك عدلي باشا في تلك المفاوضات أيضا، وهي عبارة عن رسم سياسة يقصد بها تسوية المسألة المصرية على أحسن وجه لمصلحة بريطانيا العظمى ومصلحة مصر كلتيهما.
<33>