إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
1 - مفاوضات سنة 1921- 1922 (عدلي- كيرزن)- تابع (28) تبليغ من المندوب السامي إلى سلطان مصر

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 200- 205"

          إن حكومة جلالة الملك مقتنعة بأن الاتفاق التام في المصالح بين بريطانيا العظمى ومصر، ذلك الاتفاق الذي جعل اشتراكهما مزدوج النفع في الماضي. هو السبيل لتعيين نوع العلاقة التي يجب على كلتيهما أن يحرص على بقائها. وعلى الإمبراطورية البريطانية أن تحمل على عاتقها التبعة القصوى في الدفاع عن أراضي عظمتكم من أي تهديد خارجي كما حملتها قبل الآن. كذلك عليها أن تقدم المعونة التي قد تطلبها حكومة عظمتكم في أي وقت لحفظ سلطانكم في البلاد. ثم إن حكومة جلالة الملك تطلب فوق ذلك أن يكون لها دون غيرها الحق في تقديم ما قد تحتاجه حكومة عظمتكم من المشورة في إدارة البلاد وتدبير ماليتها وترقية نظامها القضائي ومواصلة علاقاتها مع الدول الأجنبية. على أن حكومة جلالته لا ترمي بتقرير هذه المطالب إلى منع مصر من التمتع بحقوقها التامة في حكومة ذاتية أهلية. وإنما هي ترمي إلى التمسك بها قبل الدول الأجنبية الأخرى. وأساس هذه المطالب أن استقلال مصر واستتباب النظام وتوافر الرخاء فيها ركن لازم لسلامة الإمبراطورية البريطانية. وأن حكومة جلالة الملك ليؤسفها أن وفد عظمتكم لم يأت في خلال المفاوضات كلها شيئا يذكر في سبيل التسليم بما للإمبراطورية البريطانية من الأسباب الصحيحة للتمسك بهذه الحقوق والتبعات الخاصة.

          وقد وضعت في المشروع الذي سيرفعه إلى عظمتكم صاحب الدولة عدلي باشا أحكام المعاهدة التي تعتبرها حكومة جلالة الملك ضرورية لحفظ هذه الحقوق والاضطلاع بهذه التبعات. وأوجب هذه الأحكام وألزمها هو ما كان متعلقا بالجنود البريطانية. ولقد نظرت حكومة جلالة الملك في الأدلة التي قدّمها الوفد المصري في هذا الشأن بأكبر عناية وأتم إمعان فلم تستطع أن تقبلها. إذ ليس في حالة العالم الحاضرة أو في مجرى الأحوال في مصر منذ عقد الهدنة ما يسمح بأي تعديل في توزيع القوّات البريطانية في هذه الآونة. ومن الواجب أن نعيد القول بأن مصر جزء من مواصلات الإمبراطورية البريطانية. ولا يكاد يكون قد مضى عليها جيل منذ أنقذت من الفوضى. وأمامنا البينات على أنه لا يبعد عن العناصر المتطرفة في الحركة الوطنية أن تدفع بمصر ثانية إلى الهوة التي لم يطل العهد على إنقاذها منها. وقد زاد من قلق حكومة جلالة الملك في هذا الشأن ما رأته من أن وفد عظمتكم لا يريد التسليم بأنه يجب أن تؤمن الإمبراطورية البريطانية شديد التأمين من كل ما يهدد مصالحها من هذا القبيل. وذلك إلى أن يحين الوقت الذي تصبح ضمانات مصر ذاتها بحيث يطمأن لها ويعتمد عليها. ومن الواجب أن تتولى الإمبراطورية البريطانية بنفسها توفير الضمانات الكافية لمصالحها وأول هذه الضمانات ورأسها هو وجود جنود بريطانية في مصر. وليس يسع حكومة جلالة الملك أن تتخلى عن هذا الضمان أو أن تنقص منه.

          على أنها تعيد القول وتؤكده بأن مطالبها في هذا الصدد لا يقصد بها استمرار الحماية حقيقة أو حكما. بل بالعكس أمنيتها القلبية الخالصة هي أن تكون لمصر حقوقها الأهلية وأن يكون لها بين الأمم مقام دولة ذات سيادة على أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإمبراطورية البريطانية بمعاهدة  

<3>