إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
1 - مفاوضات سنة 1921- 1922 (عدلي- كيرزن)- تابع (28) تبليغ من المندوب السامي إلى سلطان مصر
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 200- 205 "

هم يعرضونها للخطر. وقد استعانوا بسلطانهم على مجرى الحوادث فعارضوا مصالح الدول الأجنبية وأثاروا مخاوفها المرة. كذلك عملوا في الأسابيع الأخيرة على التأثير في مصير المفاوضات بنداءات مهيجة استثاروا بها جهل العامة وشهواتها. وإن حكومة جلالة الملك تعتبر أنها لا تخدم مصلحة مصر إذا هي لانت أو تساهلت تلقاء تهييج من هذا القبيل، ولن تفلح مصر إلا متى أظهر قادتها المسئولون العزم والقدرة على قمع هذا التهييج، وقد ابتلي العالم اليوم بالتشيع إلى نوع من الوطنية المتعصبة المضطربة. وفشا ذلك في جهات متعددة. ولن تألو حكومة جلالة الملك جهدا في مقاومته في مصر بمثل الشدة التي تقاومه بها في غيرها. ومن استسلم لتلك النزعات فإنما جعل القيود الأجنبية التي ينكرها، ويطلب الخلاص منها، أشد لزوما ومد في عمرها.

          وإذا كان الأمر كذلك فإن حكومة جلالة الملك، مراعاة لمصلحة مصر، ومصلحتها الخاصة أيضا ستستمر مرشدة لمصر أمينة عليها. لا تتزعزع في شيء من أغراضها ولا تتردد. وليس يكفيها أن تعلم أن في استطاعتها أن تعود إلى مصر بعد خروجها منها. إذا كانت مصر، وقد تركت لنفسها بغير معونة، تعود إلى ما كانت عليه في العهد الماضي من التبذير والاضطراب. إذ أن ما تحرص عليه حكومة جلالة الملك هو أن تتم العمل الذي بدئ به في عهد اللورد كرومر لا أن تبدأه من جديد. وهي لا تبغي أن تبقى مصر في وصايتها، بل بالعكس تريد تقوية عناصر البناء والتكوين في القومية المصرية. وتوسيع مجال العمل أمامها وتقريب الأجل الذي يتم فيه تحقيق أمانيها القومية. غير أنها ترى من الواجب أن تصر على الاحتفاظ بحقوق فعلية، وسلطة كذلك لصيانة مصالح مصر ومصالحها الخاصة معا، وذلك إلى أن يظهر الشعب المصري أنه قادر على أن يقي بلاده عوامل الاضطراب الداخلي وما يترتب عليه حتما من تداخل الدول الأجنبية.

          إن السبيل الصحيح لتقدم الشعب المصري هو تآزره مع الإمبراطورية البريطانية لا معارضته إياها. وحرصا على هذا التآزر لا ترى حكومة جلالة الملك بأسا عليها من النظر في أي وقت تريده حكومة عظمتكم في كل ما يعرض عليها الطرق لتنفيذ اقتراحاتها في جوهرها. على أنها مع ذلك لا يسعها تعديل المبدأ الذي بنيت عليه تلك الاقتراحات ولا إضعاف الضمانات الجوهرية التي تشتمل عليها. ومقتضى هذه الاقتراحات أن يكون مستقبل مصر في يد الشعب المصري نفسه. وكلما زاد شعبكم تسليما بوحدة المصالح البريطانية ومصالحه. قلت الحاجة إلى هذه الضمانات. فعلى زعماء مصر المسئولين أن يقيموا الحجة في هذا الدور الثاني من اشتراك مصر وبريطانيا على أن المصالح الحيوية للإمبراطورية البريطانية في بلادهم يجوز أن توكل تدريجا لعنايتهم، وإنما تقوم الحجة إذا هم قبلوا نظام الحكم الأهلي الذي يعرض عليهم والتزموا جانب الحكمة والثبات في العمل به.

          ولي مزيد الشرف الخ ،                    أللنبي (فيلد مارشال)  

<5>