مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
5- مفاوضات سنة 1927- 1928 ( ثروت- تشمبرلن)- تابع (1) بيان عبد الخالق ثروت باشا
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 -1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 229- 244"

          ولقد رأيت من الضرورى،لكى أستطيع أن أشرح لزملائى نصوص المعاهدة و مدى أحكامها وأن أجيب على ما يمكن أن يوجه إلى من الأسئلة أن أطلب إيضاحا عن بعض نصوص تبينت فيها غموضا قد يؤدى فيما بعد إلى خلاف فى تأويلها. لذلك قدّمت إلى اللورد لويد مذكرة بهذه الإستيضاحات رجوته أن يبلغها لوزارة الخارجية البريطانية ⁽¹⁾ وقد تضمنت هذه الاستيضاحات مسائل كنت بسطت فى أحاديث لوندرة بشأنها ملاحظات أريد الاعتبار بها، ومراعاتها فى النصوص التى وضعت على أثر تلك الأحاديث. وكان من بواعث اغتباطى بعد ذلك أن ألفيت المستر أوستن تشمبرلن يرى أن خطتى هذه لها ما يبررها، وأن ما أوردته خلال مناقشاتى مع فخامة المندوب السامى بيانا وتأييدا لما ذهبت إليه فى تفسير النصوص. كان تصويرا صحيحا لما تبودل بيننا من الآراء فى وزارة الخارجية البريطانية. على أنه قد بقيت ثلاث مسائل بغير حل نهائى قاطع، وهى مسائل الجيش والبوليس وصورة المراقبة على مياه النيل، وكانت هذه المسألة الأخيرة ما تزال موضوع مناقشة بين وزير الأشغال العمومية وفخامة المندوب السامى .

          أما ما يتعلق بالجيش فقد اقترحت على الحكومة الإنجليزية أن نتفاوض. قبل توقيع المعاهدة أو بعده. فى إنشاء بعثة عسكرية تماثل البعثات القائمة فى اليونان وتشيكوسلوفاكيا و بلاد أخرى مستقلة

          أما مسألة البوليس فإن السير أوستن تشمبرلن بعد أن سلم بأن النص الوارد فى ملحق (ج) لم يرتب، فى شأن مركز موظفى البوليس البريطانيين، حكما للحالة التى تكون فيها المفاوضات الخاصة باصلاح نظام الامتيازات قد أخفقت، اقترح تحكيم عصبة الأمم، عند الحاجة، فى أمرها، فلم يسعنى مع الأسف قبول ذلك الاقتراح .وكتبت لسعادته مشيرا إلى أن نص المادة 14 الذى يستند إليه. قائم أصلا على فرض جواز حدوث صعوبات لم تكن متوقعة عند تحرير المعاهدة. لا صعوبات موجودة فعلا. قصد بالمعاهدة تسويتها وحلها، وقد أرسلت إلى السير أوستن تشمبرلن مذكرتين عن مسألتى الجيش والبوليس .

          لم أكن حتى ذلك الوقت عرضت على زملائى. ولا على رئيس الأغلبية نص المشروع أو نتيجة تبادل الرأى بيننا منذ عودتى الى القاهرة. إذ كنت أرى أننا لم نصل بعد إلى شئ نهائى، على أنه فى هذه الأثناء ألح السير أوسن تشمبرلن فى طلب عرضها عليهم دون انتظار حل المسائل السابق ذكرها، ولما كان مصطفى النحاس باشا وزملائى من جانب آخر. أبدوا لى رغبتهم فى الوقوف على المشروع و المذكرات التى تبودلت فى شأنه مهما تكن النتيجة التى وصل اليها حتى ذلك الوقت، لم يسعنى إلا إجابة تلك الرغبة العامة، فقدّمت إلى كل منهم ملفا كاملا بالوثائق المتعلقة بمحادثاتى مع وزارة الخارجية البريطانية .

(1) الوثيقة رقم 9

<14>