إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
5- مفاوضات سنة 1927- 1928 ( ثروت- تشمبرلن)- تابع (1) بيان عبد الخالق ثروت باشا

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 -1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 229- 244"

بلوغ غايتى ببسط جميع المطالب القومية مرة واحدة. وليست هذه المطالب فوق ذلك بخافية على أحد. فقد صرح بها فى المفاوضات الشبيهة بالرسمية التى جرت فى سنة 1920، وفى المفاوضات الرسمية التى دارت فى سنتى 1921 و 1924، وعرفها رجال الحكومة والساسة البريطانيون بل الشعب الإنجليزي كافة .

          وإن هذه المفاوضات- لأسباب مختلفة- لم تكلل بالنجاح، بل إن إحداها لم يكد يشرع فى مباشرتها حتى قطعت. ولكنه لم يكن لها من الظروف الملائمة. ما كان للمحادثات المتواضعة التى كنت سآخذ فيها. فإن الحفاوة الشائقة التى لقيها مليكنا المعظم فى إنجلترا،وائتلاف الأحزاب السياسية المصرية وما تمتعت به مصر من استتباب السكينة والنظام- بالرغم من صعوبات جمة- فى ظل حكومة وطنية دستورية، كل أولئك أسباب كانت تدعو إلى التفاؤل. ولكنها تدعو أيضا فى الوقت نفسه إلى الحذر والتبصر، ذلك أنه، على خلاف ما كان يجب عادة أن يكون، وقع على الجانب المصرى لا على الجانب البريطانى عبء تقديم الاقتراحات. أفإذا كان هذا العبء قد ألقي بحكم الظروف على عاتقى، بعد أن فشلت كل التجارب، وعلى غير استعداد سابق مني للقيام به، أكنت أستطيع ألا أرى أن أهم واجب لى هو ألا تجبه طلباتى بادئ ذى بدء بالرفض؟ إذن كان من المتحتم أن تكون الفكرة الأساسية فى وضع مشروعى هو أن يصلح أداة لفتح باب المحادثات وكان يجب لذلك ألا تذكر فيه المسائل بقدر الإمكان إلا على أبسط وجوهها، على أن ينظر بعد، إذا ما اتسع نطاق المحادثات، واطرد الكلام فى الشرح والتدليل وذكر الشواهد والأمثال، فى استيفاء المشروع ببيان جميع الصعوبات التى قد ترد على الحلول المختلفة للمسائل التى تستلزم عناية خاصة . وكنت أود بعد إقرار فكرة التحكيم فيما يتعلق بتفسير نصوص المعاهدة المتوقعة وتطبيقها ، أن أعرف المدى الذى يمكننا الاتفاق عليه فى جملة المسائل المختلفة عدا المسألة العسكرية، وما كنت لأخشى أن يظن، حتى من الجانب البريطانى، أننى إذا أغفلت الكلام فى مدة استقرار الجنود البريطانية فى منطقة قناة السويس، وفى شروط هذا الاستقرار، يكون معنى هذا الإغفال هو أنى أتصور أن الاحتلال البريطانى لتلك الشقة من الأراضى المصرية، احتلال دائم . إذ أن السكوت فى هذا الصدد لا يفيد بأى حال من الأحوال القبول. وقد كنت أوثر ألا أتعرض لهذه المسألة إلا بعد الاتفاق على بقية المسائل. إذ يكون الجو أكثر صفاء وملاءمة للبحث فيها. وكان أبسط وجوه الحذر والاحتياط يقضي على بسلوك هذا المسلك. إذ ليس من الحكمة حينما يقضى الأمر معالجة مشاكل عدة أن يبدأ بأصعبها دون أن يعرض الإنسان جهوده إلى الفشل. ودون أن يضعف وجوه الاحتمال وأسباب الأمل فى تعرف الصعوبات جميعها. وفى حلها .

         ولقد كانت هذه المشاكل على وجه الخصوص هى: الاحتلال، والسودان، وحماية المصالح الأجنبية والعلاقات الخارجية .

<5>