إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
5- مفاوضات سنة 1927- 1928 ( ثروت- تشمبرلن)- تابع (1) بيان عبد الخالق ثروت باشا
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 -1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 229- 244"

          ولقد أعلم حسن مقاصده وصحيح رغبته فى إقامة الصداقة بين البلدين على أسس قوية وطيدة. لذلك ذكرته. بأنه تفضل فى أول حديث معه بالتصريح بأن الحكومة البريطانية لا ترغب مطلقا فى التدخل فى شؤون مصر الداخلية. وأن لى إذن . أن أستخلص من ذلك. أنه يحق لى أن أعتبر أن بعض نصوص المشروع البريطانى لا يمكن أن يكون لها، بالرغم من صراحتها و وضوحها، مدلول العبارات الواردة فيها، وأنه يجب أن تؤول طبقا للمقاصد الحسنة التى سبق لسعادته إبداؤها. ووعدت بعد ذلك بوضع مذكرة بملاحظاتى على النصوص الأساسية لمشروعه و بإرسالها إليه. فقال السير أوستن تشمبرلن إنه مغتبط بذلك جد الاغتباط وسألنى: متى أنجز هذا العمل؟ فأجبته بأنى أقدر له بضعة أيام بعد نهاية زيارتنا الرسمية لمدينة روما، أى فى مدى أسبوعين، ومتى انتهيت من تدوين ملاحظاتى فسأقدمها إليه. فإذا تراءى له، بعد الوقوف عليها، أن فى استئناف المحادثات ما يدعو إلى شىء من الأمل فى النجاح، فسأكون على استعداد للرجوع إلى لوندرة. ثم أضفت إلى ما تقدّم أنى أنوى العودة إلى القطر المصرى فى خلال الأيام الأولى من شهر سبتمبر بعد إقامة مدة أسبوعين طلبا للراحة فى بعض الجهات الجبلية. ثم أرجع بعد ذلك إلى أوروبا فى منتصف أكتوبر لمرافقة صاحب الجلالة الملك فى زيارته لمدينتى باريس و بروكسل، فوافق السير أوستن تشمبرلن على هذا واستأذنته فى الانصراف.

          غير أنى، قبل مفارقتى إياه، لفت نظره إلى الطلب الذى قدمته الحكومة المصرية منذ أكثر من خمسة أشهر إلى الحكومة البريطانية بشأن تعديل بعض نصوص القانون المختلط و بخاصة ما يتعلق منها بالرقيق الأبيض الخ.. ... والذى ظل بلارد طول هذه المدة وأوضحت لسعادته ما نجم عن تأخير الرد من القلق. وقد كان لنا أن نستشعر القلق لاسيما أن لدينا من الأسباب ما يحملنا على الاعتقاد بأن التعديلات المقترحة صادفت من الجمهور الأوربى نفسه فى مصر ارتياحا تاما، ثم زدت على ذلك أن امتناع الحكومة البريطانية عن إجابتنا إلى ما نطلبه فى هذه المسألة يتناقض تناقضا كليا مع ما تبديه لنا من شعور الصداقة. وأن ممثلى أغلب الدول الذين استطلعنا نياتهم فى هذا الشأن. أكدوا لنا حسن ميول حكوماتهم نحوه. وإذا كنا ننتظر وصول الرد البريطانى لكى نرسل إلى الدول منشورا بعقد مؤتمر دولى للمناقشة فى التعديلات المقترحة فإن مركز الحكومة المصرية أمام البرلمان لم يخل، بسبب إبطاء ذلك الرد، من الدقة، ثم ذكرته بأن هذه الاقتراحات كانت قد تمت الموافقة عليها فى عهد وزارة عدلى باشا وألححت فى طلب تعجيل الحكومة البريطانية بإرسال الرد مهما تكن نتيجة محادثاتنا القائمة الآن فى مسألة المعاهدة، فوعدنى السير أوستن تشمبرلن بأن الرد سيصل إلينا فورا. وبلغ من لطفه أن استدعى فى الحال أحد كتبة أسراره. وكلفه أن يدعو فى الحال السير جون برسفال. لمقابلتى للاتفاق معى على ما يلزم إجراؤه فى هذه المسألة. فأعربت له عن مزيد ارتياحى وشكرى. ثم اتفقت على أن تكون مقابلتى مع السير جون برسفال للبحث فى ذلك الموضوع فى باريس بعد عودتى من إيطاليا.

          وغادرت انجلترا قاصدا إلى باريس فى 31 يوليه. وفى اليوم التالى، أى فى أول أغسطس، رافقت جلالة مولانا الملك فى زيارته الرسمية لروما.

<9>