إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر  
5- مفاوضات سنة 1927- 1928 (ثروت- تشمبرلن)- تابع (4) ملاحظات عامة على المشروع البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 251- 263"

أما السودان فقد ساد السكون فيه وخيمت عليه الطمأنينة. فلا خوف من نزوع أهله إلى الثورة، ولا من اعتداء جدي تقوم به البلاد المتاخمة له لذلك كله تكون القوات الحالية للجيش في الواقع كافية نسبيا. ولكن الذي لا يتفق مطلقا لا مع استقلال البلاد ولا مع معاهدة التحالف هو فكرة التحديد في ذاتها. ولم تذعن مصر لتحديد قواتها إلا في عهد سياسة الدولة العثمانية. وكانت قوات الجيش المصري مع ذلك محددة بثمانية عشر ألف جندي. أفيجوز إذا. أن يفسر التحديد المقترح بأن بريطانيا العظمى تخشى إذا أصبح الجيش المصري كبيرا أنه يعرض للخطر سلامة المواصلات. أو يجوز أيضا أن يفهم أنه إذا كان المشروع البريطاني قد أفرغ في قالب لا يترك لمصر مجالا للحرية تستطيع التحرك فيه، فما ذلك إلا الخوف يداخل بريطانيا من تصرفات الحكومة المصرية، إذا كان الأمر كذلك فخير ألا يجرى حديث في محالفة فما كانت بلفظها ولا بمعناها لتلتئم أو للتتفق مع تسوية يفسدها ذلك الخوف والتدابير التي تهيأ لاتقاء أسبابه.

          ولقد يتبادر إلى الذهن أن عدم تحديد قوات الجيش المصري هو بالأكثر لمصلحة بريطانيا العظمى إذ كلما زيد عدد تلك القوات خف عن عاتقها أثر ما تعهدت به كحليفة من المعاونة عن الدفاع عن مصر. ولكن هذا وجه يفرض فيه توافر الثقة من الجانبين.

          وعلى كل حال فإنه يجب التنبيه إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها مسألة تحديد قوات الجيش المصري فإن المفاوضات السابقة لا تتضمن أي أثر في هذا الصدد. فهل جدّ من الأحداث يا ترى ما يبرر هذا؟ التحديد أم ينبغي أن يوّل ذلك بأن الثقة آخذة في النقص شيئا فشيئا وهل ضعف الثقة هذا هو الذي يفسر أيضا أن التسوية الوقتية، التي وضعت منذ ثلاث سنوات عقب الحادث الأخير بمقتضى تبادل المذكرات الذي تشير إليه هذه الفقرة، يقرها هذا المشروع ويجعلها نافذة مدى عشر سنوات على الأقل مع أنه كان يلوح، أن الأمثل في هذا الشأن إعادة النظر في التسوية المذكورة بمناسبة عقد المحالفة، وذلك للتوفيق بينها وبين الحالة التي تنشأ عن المحالفة.

          الفقرة الثانية - يجوز التساؤل عما إذا كانت هذه الفقرة ليست تكرارا لشطر الفقرة السابقة الخاص بالاتصال بين قوات الجيش البريطانية والمصرية وتنسيق طرائق تدريبهما. ولقد يظهر أن التعهد بوضع معلمين وفنيين تحت تصرف الحكومة المصرية يؤدي نفس الغرض من التسوية التي وضعت بالمذكرات المتبادلة في شهر يونية الماضي. والأقرب للفهم أن تعرض هاتان الفقرتان على سبيل الخيرة. لا أن يجمع بينهما.

<12>