إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



إنجلترا تمهد لاحتلال مصر
(2) المذكرة المشتركة في 6 فبراير 1882

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة ص 2 - 3"

(2) المذكرة المشتركة (1)
في 6 فبراير سنة 1882


     استقبلت الدوائر السياسية الإنجليزية والفرنسية إعلان دستور سنة 1882 بالسخط والاستياء، وأرسل الرقيبان الأوربيان كولفن ودي بلنيير مذكرة مشتركة بتاريخ 6 فبراير سنة 1882 أي عقب تأليف وزارة البارودي بيومين، وقبيل إعلان الدستور بيوم واحد اعترضا فيها على هذا الانقلاب، وتجلت في مذكرتهما روح التبرم بالنظام الدستوري بأكمله والنقمة من تخويل مجلس النواب حق تقرير الميزانية، وتحريض حكومتيهما على محاربة هذا النظام، وهذا نصها:

     "عندما صدرت الدكريتات المنظمة لاختصاصات الرقابة الثنائية، كانت السلطة الحقيقية في يد الخديو، وفى يد الوزراء بطريق النيابة عنه، فأمكن الاكتفاء بإعطاء الرقيبين العموميين الحق في إصدار آراء وملاحظات، وكان مفروضا أن يعمل بآرائهما، وقد تحقق ذلك وتقدمت حالة البلاد المالية بعد أن كانت منذ سنتين في غاية الخطورة، أما الآن فقد تغير ميزان السلطة إذ تحولت إلى مجلس النواب وإلى بعض الرؤساء العسكريين الذين يخضع المجلس لنفوذهم، وقد أدى هذا الانقلاب إلى تغيير خطير في نظم الدولة، فإن سلطة الخديو والوزراء التي تزعزعت بتأثير ثورة الجيش في أول فبراير سنة 1882 قد استمرت في الضعف يوما بعد يوم، ووصلت الأمور في هذا الصدد إلى أن مجلس النواب الذي كان في عهد الخديو السابق (إسماعيل باشا) أداة مطواعة في يده، وكان يقرّ ما يعرض عليه من النظم المالية على ما فيها من الجور وما تؤدي إليه من فادح الأضرار، أصبح لا يتردد اليوم في التمسك بحقوق ومطالب تناقض حالة البلاد الاجتماعية، حتى وصل به الأمر إلى أن اضطر الخديو إلى تغيير الوزارة التي كانت حائزة لثقته، وتحت ضغط بعض الضباط اضطر أن يعهد برئاسة الوزارة إلى وزير الحربية وأصبحت سلطة الخديو لا وجود لها.

     وفي هذه الظروف الحالية لا فائدة من التصريح من جانب الحكومة المصرية بأنها لا تنوي المساس بسلطة الرقيبين، فإن هذه السلطة ستسير في طريق الزوال لا محالة إذا أصبحت وجها لوجه أمام مجلس نواب وجيش، لا أمام الخديو ووزرائه الذين يعينهم باختياره، ذلك أن الخديو ووزراءه لم يكونوا يستطيعون أن يتحملوا أمام الدوائر والحكومات الأجنبية مسئولية أعمال يعترض عليها الرقيبان، وكان هذا هو الضمان الوحيد لسلطتنا، وكان ضمانا كافيا حتى اليوم، ولكنه أصبح الآن خياليا أمام وزراء المجلس النيابي أو الجيش، إذ ليس عليهم من سلطان سوى نفوذ الرؤساء العسكريين والنواب الذين يستمدون منهم السلطة، وهذا ما وقع الآن، لأن الوزارة التي تألفت حديثا قد استقر عزمها على تخويل مجلس النواب حق تقرير الميزانية رغم المعارضة الصريحة في ذلك من الرقيبين، ولا يغيب عن الذهن أن وزارة شريف باشا لم تسقط


     (1) الكتاب الأصفر سنة 1882 - 82 ص 118
<1>