إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



حديث عظمة السلطان عبدالعزيز آل سعود بمناسبة افتتاح

المجلس الأهلي (الجديد) وبرنامج عمله واختصاصاته(*)

عقب انتخاب المجلس الأهلي، دعا السلطان عبدالعزيز أعضاء المجلس المنتخب إلى الاجتماع في بهو دار الحكومة في مكة، الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء 13 محرم 1344هـ الموافق 4 أغسطس 1925. وتحدث إليهم بمناسبة افتتاح المجلس، مبيناً برنامج عمل المجلس واختصاصه، فقال:

"تعلمون حضراتكم مقاصدنا، التي أعلناها منذ قدمنا إلى هذه الديار، وهي لم تتغير ولم تتبدل. وكنت على الدوام يهمني أن يقوم أهل البلاد في إدارة شؤونهم، ومن أجل هذا دعونا لانتخاب المجلس السابق، فكان من أمره ما تعلمون. وقد وردت اعتراضات متعددة على ذلك المجلس، ولكن لم يكن الوقت ليسمح بتمحيص تلك الأخبار، للمشاغل السابقة التي كانت. ولمّا جاء هذا الوقت، رأينا الحاجة تقضي بتجديد الانتخاب، وجمع مجلس يكون للأهلين ثقة به، لأن هذه البلدة المطهرة تستحق كثيراً من العناية والتدقيق، في جميع شؤونها بإخلاص وحكمة.

وأعتقد أن كثيراً من السابقين، الذين حكموا هذه الديار، ما كانوا يقدّرون المصلحة العامة تقديراً صحيحاً، وكانوا يزنون المصلحة بميزان منافعهم الشخصية. ولا يخفاكم ما كان عليه أمر الترك في هذه الدِّيار، وما كان من نتائج إطلاق الأمور، وجعلها بأيدي كثير من الموظفين أرباب المطامع الشخصية. ثم جاءت أيام الشريف حسين، فكان فيها من المظالم ما تعلمون. إننا لم نر تلك المظالم، ولكن أقوال الرواة تواترت بأخبارها.

إني آسف كثيراً لما حلّ بهذه البلدة المقدسة، من تلاعب الأهواء والغايات فيها، وأعتقد أن الأمور لا تنتظم، إذا لم يتول أبناء البلاد مصالح أنفسهم.

وإن لنا من هذا المجلس غايات ثلاثة(*) :

1.  أن نبرئ ذمتنا من الأمور، التي يجب النظر فيها.

2.  أن يكون الذين يديرون الأمور، محل الثقة من أفراد الأمة كلهم.

3.  أن تكون المسؤولية ملقاة على عاتقكم، في جميع الشؤون الداخلية.

فإذا كنتم تريدون اتباع الأهواء في أعمالكم، فعدم وجود المجلس خير من وجوده.

إن الناس في البلاد، الذي تعلمون، في خصام وعراك، لأجل أن يتسلموا زمام أمورهم بأيديهم، ولمّا يوفقوا  لِما يطلبون. وإننا نحمد الله، الذي وفقنا لجعل الأمور في هذه الديار بأيدي أهلها، بدافع نجده من أنفسنا بغير أن يحملنا عليه أحد. والأمر اليوم كله بيدكم، ولا يوجد قيد من القيود تتقيدون فيه بأعمالكم، غير قيد واحد وهو قيد الشريعة الإسلامية. فما دامت جميع أعمالكم موافقة لأحكام الشريعة المطهرة، فلا يوجد قوة تمنعني عن إنفاذ ما تقررون. وإذا كانت قراراتكم مخالفة لأحكام الشريعة، فلا يوجد قوة تحملني على إنفاذها، ولو كان في ذلك ذهاب الحجاز ونجد، وجميع ما أملك.

إن المهمة التي ألقيت على عاتقكم صعبة، فتحتاج لمخاطرة وثبات ونصح. واعلموا أن الناس انتخبوكم لإصلاح شؤونهم، لا لإفسادها، فإذا لم تبرهنوا عن كفاءة ولياقة، ولم تقوموا بما تتطلبه منكم المصلحة، تكونون قد ضيعتم أثمن الفرص، التي يمكن أن تنتهزها الأمم في أدوار حياتها. إني أوصيكم وأنصحكم وأخطركم بلزوم المحافظة على العدل، وتوزيعه على الناس بالسواء. إن هؤلاء إخوتي وأولادي هم عندي شرفاء وليسوا بشرفاء. شرفاء إذا ساروا على الطريق المستقيم، وغير شرفاء إذا حادوا عن جادة العدل، واعتدوا على حقوق الآخرين".

وهذا برنامج الأعمال، التي أطلب منكم النظر فيها، والتدقيق في شأنها، يتلوه عليكم الشيخ حافظ.

البيان الرسمي

يا نواب الشعب

أريد أن ألقي على عاتقكم إدارة الأمور في هذه البلدة المطهرة، فإن أحسنتم، أحسنتم لأنفسكم وبيضتم وجوهكم، أمام بني وطنكم وأمام العالم الإسلامي، الذي يفد إلى هذه الأقطار والعكس بالعكس. وسيكون من اختصاصكم:

1.  تنظيم أمور البلدية، ووضع لوائح صالحة لها، تمكنها من القيام بواجباتها في خدمة البلد، والنظر في موازنة دخلها وخرجها. وكذلك، النظر في المسائل الصحية والوسائل اللازمة لذلك.

2.  النظر في نظام المحاكم الشرعية، وترتيبها بصورة تضمن توزيع العدل، وتطبيق الأحكام الشرعية تطبيقاً، لا يجعل مجالاً للهوى.

3.  تدقيق مسائل الأوقاف، والنظر في أبواب العرف الشرعية.

4.  النظر في حفظ الأمن داخل البلد، وترتيب الشرطة اللازمة لذلك.

5.  تعليم العلم الديني في هذه البلدة المطهرة، والسعي في تعميم القراءة والكتابة.

6.  النظر في الوسائل المرقية للتجارة، والمسهلة لسبلها، وترقية وسائل البريد والبرق.

7.  تشكيل لجان دائمة لحل المشاكل الداخلية، التي يُرجع فيها إلى العرف، الذي لا يخالف أصلاً من أصول الشريعة المطهرة.


(*) جريدة أم القرى، العدد الرقم 32، الصادر في 16 محرم 1344 هـ، الموافق 8 أغسطس 1925.
(*) هكذا وردت في الأصل، والصواب: ثلاث.