إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



          كانت إيران ضمن حالة الدولة الإسلامية، التي قادها العرب بوجه عام، وكانوا لها قادة أو حكاماً ومرشدين إلى حين، حتى إذا تكون حكام، أو قادة محليون في إيران، من الشعوب الإيرانية نفسها أو كردفاء لغيرهم، فإنهم غالباً ما كانوا لا يضمرون خيراً لمصدر القرار في الدولة الإسلامية، ويشيعون، على مستوى الشعوب الإيرانية، أنهم يعاملون بأقل من استحقاقهم، وغالباً ما يقيسون وينظرون إلى الاستحقاق، على أساس ما كانت عليه إيران تحت قيادة الفرس وأكاسرتهم، عندما احتلوا أجزاء من دول وأراض مجاورة لهم، سواء إلى الشرق أو إلى الغرب منهم، وليس على أساس الاندماج في الدولة الجديدة، تحت لواء إيمانها ومبادئها، وتحت قيادتها، وفقاً لمبدأ الإسلام الواضح في الحكم والتصرف أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ وإنما غالباً ما يجتزئونه، أو يجمدونه، أو يحاولون إعطاءه تفسيراً، لا ينسجم مع السنة النبوية المطهرة، أو ما تجمع عليه الأمة الإسلامية، بل إنهم، في بعض الأحيان، يعطون معنى ضيقاً لمعنى وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ، فيقتصرونه على الحاكم المحلي للإقليم في تلك اللحظة، بدلاً من الخليفة، أو أمير المؤمنين، بما يسهل مهمة حاكم الإقليم المحلي في إيران، على مشاكسة أمير المؤمنين أو الخليفة، أو التمرد عليهما.. وأخذ هذا الحال مستواه الآخر في إيران، في ضوء إلغاء حلقات أساسية من تاريخ الدولة الإسلامية، والقسم الأكبر من رموزها، والاقتصار على حلقات مشرقة بعينها، ولكنها مجتزأة عن قاعدتها، وسياق تواصلها وعمقها، وقد تم وضعها في إطار من التضاد، الذي لا يقبل التلاؤم والتفاعل، مع كل الحلقات المشرقة العظيمة الأخرى، وبذلك، أعطى المعنيون فرصة، في كل هذه المعاني والحال، ليتواصل تاريخ الأكاسرة في إيران من غير انقطاع، ومن غير أن يعتدّوا بتاريخ الدولة الإسلامية في هذا، وبذلك انقطعوا عن عمق هذا التاريخ وفقه الدولة، الذي لا يمكن تصور ما هو افضل منه آنذاك، إلا بمراعاة التطور في يومنا هذا، لأنه قد نضج وتطور، آنذاك، من خلال دولة الإسلام، وشجعوا في إيران، منذ وقت طويل، نمو فقه خاص، ليس على أساس الاجتهاد، الذي هو حق، بل وواجب أيضاً، لمعالجة حالة وظروف وإفرازات التطور، ضمن مراحله المتعاقبة، وإنما على أساس ولادة جديدة مقطوعة عن عمقها والنسب، بعد أن انقطعت الصلة منذ ما يقرب من ثمانمائة عام عن أصل الولادة وتطورها اللاحق، وعن كل فقه الدولة الإسلامية وتشريعاتها، في مرحلة الخلفاء الراشدين، وتاريخ ورموز الدولة والجهاد وراياتها، ليفسحوا المجال، وفق تصور مسبق للتاريخ الإيراني، ليتواصل من غير انقطاع، ولفقه جديد مقطوع الصلة عن عمق فقه الدولة الإسلامية ورموزه، بما في ذلك أبناء وأحفاد سيدنا علي (رضي الله عنه) فحورب، أو استبعد عن مسار الصلة، ناس على أساس مواقفهم الأخرى، أو حتى على أساس أسمائهم، وعلى سبيل المثال استبعد من

<10>