إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



وكلما كان الاقتناع عميقاً، والتفاعل جدياً وعميقاً، وعلى نطاق واسع بين من يقودون الشعب والأمة، وبين الشعب والأمة، اقترب العام: الشعب والأمة، إلى الخاص: القائد والقادة، وتصير عندئذ الفروقات بين الخاص والعام فروقات مرحلتها النسبية فحسب، أي فروقات التطور التاريخي بين مرحلة وأخرى مع ما يصاحبها من ذيول عادات منقولة، وعند ذلك تغدو المرحلة كأنها، بصورة أو بأخرى، هي خواص القائد أو القادة، مضافاً إليها المنقول وما أريد له أن يكون موصولاً مع خواص وعادات المراحل التاريخية السابقة.

          ومن هذا يتبين لنا كيف ولماذا يحوّل قائد يقود قادة آخرين، أمة أو شعباً في المعاني والواقع، إلى حالة صعود عظيمة إلى أعلى وأمام، عندما يتطابق القائد أو القادة مع شعوبهم على طريق معانيها الإنسانية العالية، ويحول حاكم وحكام آخرون أمة وشعباً إلى حالة متراجعة، ضمنياً عن فرصتها ودورها، بعد أن يفترقوا عن شعبهم وأمتهم، ويغدوا غير قادرين على تفعيل قدرتهما، بمستوى ما ينبغي وما يجب، لضعف تأثير الحاكم، أو انحراف دفعه للأمور، أو استقطابه لهم، إلى مسارها الصحيح، ومن ذلك نفهم لماذا، وكيف حصل ما حصل بين دولتين إسلاميتين، في ما تعلنان، أو في ما يؤمن به من آمن، وموضوعتان ضمن وصف الدول الإسلامية : وهما العراق وإيران!؟

          إن الوصف الديني أيها الإخوة، والذي أدخل على الأمم والشعوب، سواء كانت تلك الشعوب إسلامية العقيدة، أو الانتساب إليها، أو تحت وصف وعناوين ديانات أخرى، لا يلغي تاريخ الأمة قبل وبعد الانتماء أو الانتساب، ولا يلغي تأثير تاريخها العام، حيثما تعارض أو تناقض مع العقيدة الجديدة، ولكن العقيدة الجديدة، في ضوء سعة انتشارها ومستوى الالتزام بها، وعمق تأثيرها، تدخل معاني جديدة في تاريخ الأمم، ويمكن أن تدخل مراحل تاريخية كاملة مطبوعة بطابع المبادئ الجديدة، أو جوهر تلك المبادئ، حسب مستوى إيمان القائد، أو القادة في تلك الأمم، بالعقيدة الجديدة، وليس الشعوب فحسب، ومدى استعدادهم لاعتبار أساسياتها أساس تفكيرهم، وفعلهم، وأخلاقهم. لذلك إذا لم يتحقق شرط الانتماء الصميم للحالة الجمعية للشعب والأمة، مع انتماء خاصة الأمة والشعب، وبصورة أخص حاكمه وحكامه، للديانة الجديدة، ويضعوا أنفسهم، تصوراً وفعلاً، وفق ميزانها، ويتخلقوا بأخلاقها، يكون تاريخ الأمة، من حيث محصلته النهائية، منقطعاً عن التواصل والوصل التفاعلي، بين القديم والجديد، ويغدو الدين الجديد حالة شكلية عامة، كلافتة موضوعة للدعاية، وليس للالتزام والتفاعل الصميم، ويعتمد الوصف، هنا، على مدى تطابق أو افتراق الحالة الجمعية للأمة عن الحالة الخاصة للحاكم أو الحكام في هذا.

          أيها الأخوة..

<9>