إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الفيصل لبعثة الحج التونسـية(1)

          نرجو من الله، سبحانه وتعالى، أن يأخذ بيد الجميع لما فيه خير الإسلام والمسلمين. ولاشك أن ما تفضلتم به هو عين الواقع فاتحاد المسلمين وتعاونهم فيما بينهم وشد بعضهم أزر بعض هو أكبر ضمان لقوتهم وقدرتهم على أن يسيروا على هدى من الله، سبحانه وتعالى، وأن يسيروا بأممهم وشعوبهم إلى ما فيه صالحهم في أمر دينهم ودنياهم.

          ولذلك فلا غرو أن نرى أعداء الإسلام والمسلمين يجندون كل قدراتهم لمحاربة هذه الدعوة لأن في قيام هذه الدعوة واشتداد عضدها ما يخيب كل آمالهم في التمكن من المسلمين وتفريق شملهم وإضعافهم حتى يستولوا على مقدراتهم وحتى يحكموهم بما ليس في صالح المسلمين.

          ونحن إذا كنا في وقت من الأوقات في حاجة إلى اتحادنا وتضماننا فنحن في هذا الوقت التي تنتاب الإسلام والمسلمين فيه التيارات والأغراض والمطامع لأشد حاجة وأشد ضرورة لأن نتضامن ونتضافر على ما فيه مصلحة ديننا وشعوبنا.

          ولا يمكن أن نتصور الإنسان في غير اتباع كتاب الله وسنة رسوله خير للبشرية لأن الله، سبحانه وتعالى، حينما بعث نبيه، صلوات الله وسلامه عليه، وأرسله بالهدى ودين الحق وضمن هذا التشريع كل ما فيه صالح للبشرية وليس للعرب فقط وإنما لجميع الثقلين، ولذلك فكل من يحاول أن يوجد أي نظام أو أي تشريع أو أي اتجاه لا يتفق مع هذه الشريعة وهذا الدين القويم فهو يغالط نفسه ويغالط الحقائق لأن الله، سبحانه وتعالى، جمع في هذه الشريعة وهذا الدين كل ما فيه صالح البشر وكل ما فيه احتياج البشر في أمر دينهم ودنياهم.

          وإنما المهم والواجب علينا نحن المسلمين أن نتفقه في ديننا ونفهم شريعتنا، فإذا تفقهنا في ديننا وفهمنا شريعتنا لوجدناها تغنينا عن أي نظام أو أي تشريع آخر ولوجدناها أصلح بكثير مما يدعون إليه، سواء ما يدعو إليه اليمين أو اليسار، فشريعتنا، ولله الحمد، حافلة بكم ما فيه حاجة البشر في أمر دينهم ودنياهم ومعيشتهم وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية وكل ما يتطلبه التقدم البشري وكل ما تتطلبه الحياة.

          وبذلك فنحن لسنا في حاجة إلى تشريعات أو إلى نظم نستوردها من أي جهة كانت بل لدينا نحن ما فيه الكفاية وزيادة وما فيه الصالح لو أخذ به أصحاب الشرائع والأديان الأخرى والمذاهب الأخرى لو اتبعوا ما لدينا من تراث لوجدوه في صالحهم هم أنفسهم وليس فقط لصالح المسلمين، فمن باب أولى أن نكون نحن المسلمين أحرص وأشد حرصا على أن نحتفظ بهذا التراث وهذا الخير وهذا المعين الذي لا ينضب.


1. أم القرى العدد 2164 في 20 ذو الحجة 1386هـ الموافق 31 مارس 1967

<1>