إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



نداء الفيصل إلى كافة الشعوب والحكومات حول فتنة الأردن(1)

          "إلى شعوب وحكومات الأمة العربية والإسلامية، وإلى النفس البشرية، والضمير الإنساني في كل مكان:

          يقول الله تعالى لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَءاتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة:177).

          لقد عاشت الأمة العربية في دمائها بسبب معارك الأردن الأخيرة التي وقعت بين إخوة من العرب تكبدت خلالها تلك الأمة من دمائها، وسمعتها، وسلامة قلوبها، ومواقف جهادها تضحيات غالية كانت في غنى عنها لو وجدت من يحسم الشر ويضيق دائرته في الوقت المناسب.

          لذا كان انعقاد مؤتمر الملوك والرؤساء العرب في القاهرة وفي هذه الساعة العصيبة ضرورة ملحة اقتضاها الواقع المؤلم الذي عاشته الأردن حقن الله به الدماء، ووقى به الأمة العربية كلها من التصدع والانهيار، وعصمها من التفرق والانقسام بل كان هذا اللقاء عصمة للإنسانية كلها من الفتن والأخطار التي أحدقت بها وكان يكفي خطأ رُبما لم يكن في الحسبان لإصابة الإنسانية كلها في مقتلها وصميمها، ولكن الله بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدراً، وتحقيق قول الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الحجرات:9).

          ولقد خلفت تلك الفتنة وراءها أضراراً مادية بالغة أوشكت أن تحطم أسوار المدنية بالأردن الشقيق كما تركت وراءها شهداء بلا قبور، وجرحى بلا دواء، وأطفالاً بلا أهل ولا بيت ولا طعام، وهناك الفقير الجائع والجريح المقهور والشيخ الفاني والأرملة واليتيم.

          وإنَّا إذ نضع تلك الحقائق المؤلمة أمام شعوب الأمة العربية والإسلامية وحكومتها حارسة الإنسان العربي والحفيظة على عفافه وكرامته لنذكرها بماضيها المشرق ومواقفها المشرفة في


1. أم القرى العدد 2343 يوم 15 شعبان 1390 الموافق 16 أكتوبر 1970

<1>