إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الفيصل في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة(1)

          فضيلة الشيخ نائب رئيس الجامعة، الشيخ عبدالعزيز بن باز

          حضرات الإخوان أساتذة ومعلمين وتلاميذ:

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يسرني في هذه اللحظة السعيدة أن أعبر لكم عن خالص امتناني، وارتياحي لما رأيته فيكم، وفي ربوع هذا المعهد العظيم الذي نرجو له كل تقدم وارتقاء، من الروح الوثابة والاتجاه القوي نحو هدف سام وغاية عليا، هي مطلب كل مسلم وغاية كل مؤمن، وهي تحقيق معنى "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

أيها الإخوان الكرام:

          إنكم في معهدكم هذا، تمثلون أمما شتى من أقطار مختلفة، ومن أجناس مختلفة ومن ألوان مختلفة، ولكنكم تمثلون روحاً واحدة، وتمثلون مبدأ واحداً وهو ما جاء به محمد، صلوات الله وسلامه عليه، من ربه تعالى بشيراً ونذيراً لعباده المؤمنين.

أيها الإخوان:

          في هذا الدور من الزمن وفي هذه العالم المتلاطم، الذي تتجاذب فيه المبادئ والعقائد مختلف التيارات، وتجذب إليها مختلف النزعات والجنسيات والاعتقادات، تمثلون أنتم أيها الإخوان وحدة الهدف الحقيقية، ووحدة الغاية، ووحدة المسعى، ووحدة الجهاد ووحدة الكفاح، وهي وحدة الروح الحقيقية التي عكفت على دين ربها، المرسل إليها به محمد صلوات الله وسلامه عليه، فهذه الوحدة أيها الإخوان هي الوحدة الحقيقية، وهي الوحدة الباقية ديناً‌ ودنيا، وهي الروح التي تقوي من يتمسك بها على الكفاح في سبيل الله، ونشر مبادئ الإسلام وخدمة عباد الله، في كل قطر، وفي كل مكان، وفي كل زمان.

أيها الإخوان الكرام:

          إذا كانت الأمم والشعوب والمجتمعات الأقلية، كل يسعى لوحدة على حساب إقليمه، وعلى مقدار عنصره وقوميته؛ فإنكم أيها الإخوان؛ تسعون لوحدة أعظم وأعمق، هي وحدة العالم أجمع، وهذا ما دعا اليه محمد صلى الله عليه وسلم، فحين بعثه الله، سبحانه وتعالى، بشيراً ونذيرا بعثه إلى جميع أنحاء المعمورة في زمانه، فبشّر وأنذر، ودعا وبيَّن السُبل التي يهدي بها الخلق؛ فأدّى الرسالة، وأدّى الأمانة التي اؤتمن عليها، فلم يبق قطر في الأرض أو شبر إلا وبلغته رسالته صلى الله عليه وسلم. فهذه أيها الإخوة؛ هي الوحدة الحقيقية التي تستهدف وحدة العالم أجمع والتي تسعون إليها بنشر المبدأ الإسلامي الصحيح، وليست المبادئ الهدامة أو الملحدة التي تتوارى وراء الستر والشعارات والحجب وإنما أهدافها هي ضد مصلحة بني الإنسان وإنما تسعى لأغراض حزبية، أو شخصية، أو أغراض استعمارية، أو توسعية.

أيها الإخوان الكرام:

          نعم، إن وحدة الإسلام هي الوحدة الحقيقية، وإن هذا البلد الطيب أيها الإخوة له صفته الإسلامية التي لا يمكن أن يتجرد عنها، أو يتخلى عنها، فهو محطّ أنظار المسلمين، وهو يحتوي على قبلة المسلمين، وعلى حرم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وعلى منبع الرسالة، وعلى مبعث النور والهدى، فلذا فإن الإسلام قبل كل شيء وبعد كل شيء، وكل شيء غير الإسلام لا يمكن أن يؤثر على اتجاه هذا البلد الأمين نحو إسلاميته ونحو دينه القوي.

          أيها الإخوان الكرام: إننا في كل المجالات نتعاون مع إخوان لنا من العرب، ونمد أيدينا لهم بكل ترحاب، وكل أخوة وصداقة، ولكننا لا يمكن أن نتخلى عن صفتنا الإسلامية التي تجعلنا في خدمة الإسلام، وخدمة المسلمين، وهي أشرف خدمة نفتخر بها فوق رؤوسنا.


1. أم القرى العدد 1965 في 11 ذو القعدة 1382 الموافق 5 أبريل 1963

<1>