إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



          إن عالم الإنسان الإنسان هو عالم التنوع والتعددية والتباين. ولا بد من الاعتراف بهذه الحقيقة، وتوظيفها في خدمة تطور حياة كل الشر. ولا شك أن الوحدة هي الشيء الكبير الذي يفتقده الإنسان المعاصر. بيد أن الوحدة لا تعني تناسي الخلاف من وجهات النظر، أو الاستسلام لنظام لسلطوي مفروض، وإلغاء كل الأفكار والأذواق لصالح فكرة وذوق معين، بل يمكن، في ظل الحوار والنقد المستمر والمستقل، وانطلاقاً من التدبير والحكمة، البلوغ بالعالم والإنسان إلى حالة التوافق في مسيرة الأهداف والمبادئ المشتركة، مع وجود التعددية والتنوع، وهذا الهدف، وإن بدأ بعيد المنال، لكنه يمكن أن يتحقق وما نريده ونطالب به؛ هو تعجيل تحققه.

          واليوم بقدر ما تحاول القوى المهيمنة، فرض العولمة كنتيجة حتمية مفروضة أمام العالم، وتدعو العالم والبشر للاستسلام أمام السلطنة الناجمة عن إمكانيات مادية ومعلوماتية وتسليحية هائلة، فإن علينا أن نعلم بأنه في المقابل، تجلّت فرص جديدة لتعزيز الهوية والتضامن بين الشعوب، وإعادة بناء القواسم الثقافية المشتركة بالشكل الذي يمكنها من تلبية متطلبات العصر، مع المحافظة على استقلاليتها.

          في قمة طهران قلت: إن شرط تبلور الحضارة الإسلامية الجديدة، هو إرساء المجتمع المدني الإسلامي، الذي يكون المواطنون فيه أصحاب الحق في تقرير مصيرهم، والإشراف على إدارة وتوجيه الأمور، ومحاسبة المسؤولين وأصحاب القرار. في هذا المجتمع الذي يستمد جذوره من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، تكون الحكومات في خدمة الشعب، والسياسة في خدمة الفضيلة والفكر.

          هذا هو مطلب وهاجس عالمنا اليوم، وهو ما عايشته أيضاً الدول الإسلامية، بشكل أو آخر، أو أنها توشك على معايشته. إن سيادة الشعب المنسجمة مع مبادئنا الدينية، والمعنوية، والأخلاقية، والثقافية؛ هي نتيجة وحصيلة هذه التجربة. هذا الأمر الميمون والمبارك، هو بمثابة خيار مهم ماثل أمامنا من أجل أن نحقق التغيير الاجتماعي، والثقافي، والسياسي، المقترن بثبات هويتنا الإسلامية والاعتماد على شعبنا. لقد كان، ولا يزال لدى شعوب الدول الإسلامية، التي ننوب عنها اليوم، في هذا الاجتماع، رباط حي متواصل ومتجدد مع الذات القدسية للواحد الأحد ومع كلام الوحي الرفيع. ومهمتنا هي إتاحة الفرصة لظهور هذه الصور المتعددة، التي تجسد الإيمان الديني، وكذلك إتاحة الفرصة لمشاركة شعوبنا في تقرير المصير. فهذه الشعوب كالروافد الصغيرة المتدفقة والجارية، تشكل بحراً محيطاً لا يأتمر بأي قوة على وجه الأرض، لكنه يغلي في الأعماق مكوناً قوة تطفو على السطح وتبدو جلية للعيان. إن منظمة المؤتمر الإسلامي تستطيع في أفق كهذا أن تصبح تجسيداً للوحدة بمفهومها الحقيقي الثابت، وأن الثورة الإسلامية العظيمة في إيران، بقيادة زعيمها الكبير الفقيد الامام الخميني (رضي الله عنه)، الذي شق الطريق أمام شعب إيران الكبير المثقف، لإرساء الحرية والاستقلال والجمهورية الإسلامية، تدعو اليوم في هذا الإطار وبصوت هادر ـ للإيمان

<3>