إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك خالد بمناسبة اليوم الوطني للمملكة
(أم القرى العدد 2790 في 7 ذو القعدة 1399 الموافق 28 سبتمبر 1979)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين.

أيها الإخوة الأعزاء،

          لعل من نعم الله على هذا البلد وأبنائه أن مكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وبدلهم من بعد خوفهم أمناً، وعبدوه وحده لا يشركون به شيئاً، ولذلك كان القرآن الكريم، وكانت السنة النبوية المطهرة، وما زالت، مصدر الحكم والتشريع في هذه البلاد، حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ لإيماننا الكامل بأن في التمسك بهما قولاً وعملاً نجاحنا، وفلاحنا ورقينا وتقدمنا، وتطورنا وازدهارنا، ومنذ أن منَّ الله على جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بنعمة توحيد هذه المملكة، وجمع شتاتها تحت راية لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله، وضع نصب عينيه إقامة العدل، ونشر الأمن، والرخاء، والدعوة إلى الله، والسير على نهج الرسول العظيم، والسلف الصالح معتمداً في ذلك على إيمانه بالله عز وجل، والجهاد في سبيله، ونصرة كلمته.

          وبالرغم من ضعف موارد وإمكانيات الدولة آنذاك، بشرياً ومادياً، إلاَّ أن الإيمان، والصدق، والصبر، وسلامة النية، ونبل المقصد، وعظمة الهدف، كانت هي أمضى الأسلحة التي اعتمد عليها جلالته، وكانت من العوامل التي حققت أهدافه في وحدة البلاد، وتوحيد كيانها.

          ولما كانت تلك الجهود العظيمة التي قام بها جلالة المغفور له عبدالعزيز، رحمه الله، في سبيل بناء هذه المملكة، وتوحيد أرجائها، وجمع كلمة أبنائها على الإيمان، والحق، والخير، والصلاح، هي الأساس والقاعدة في انطلاقتنا بعد ذلك إلى مزيد من نعم الأمن، والرخاء، والاستقرار فإن مناسبة اليوم الوطني التي نعيش ذكراها اليوم تجعلنا نتذكر أن علينا جميعاً تقع مسؤولية السير على نفس الطريق الذي سار عليه جلالته، مؤكدين العزم على ضرورة الحفاظ على هذا الكيان، وتدعيم بنائه، وتحقيق الرفاهية لمواطنيه، وتعزيز الأهداف الكريمة، التي كان يحرص جلالته على تحقيقها، حتى تمكن من توحيد المملكة العربية السعودية.

أيها الإخوة الأعزاء،

          لقد قطعت بلادنا بعون الله شوطاً كبيراً في مضمار التقدم، ونعم المواطنون بروافد الإنجازات، والمشاريع التي كان الهدف منها الارتفاع بمستوى المواطن ثقافياً، وصحياً، واجتماعياً، واقتصادياً، رغبة منا في أن تحقق لهذه المسيرة الخيرة الوصول إلى أهدافها الكاملة، وغايتها السامية، ومن هنا كان حرصنا عظيماً على أن تضع حكومة المملكة العربية السعودية كل ما تملك من موارد وإمكانيات في خدمة المواطن، والحفاظ على قيمه الدينية، والخلقية، التي بدونها لا تقوم لنا كلمة، والتي نحرص على تعميقها، حتى تظل المشعل الذي ينير لنا الدروب في الدنيا والآخرة.

أيها الإخوة الأعزاء،

          إن علينا جميعاً أن ندرك أن تطلعنا إلى المزيد من التقدم والرقي يستلزم أول ما يستلزم التمسك بالعقيدة الإسلامية الصحيحة، والالتفاف حولها، والعمل بكل إخلاص ضماناً لربط الماضي بالحاضر، وأملاً في اتصال الحاضر بالمستقبل، وفي سبيل هذه الغاية فإن مسؤوليتنا جميعاً تتطلب مساهمة كل مواطن منكم في بناء هذا الوطن بسواعدكم، وعقولكم، وأنشطتكم الخيرة، باعتباركم خير أمة أخرجت للناس، ونظراً لأن بلادكم في حاجة إلى جهودكم حتى تحقق أهدافها في التنمية والرخاء.

أيها الإخوة الأعزاء،

          وليكن كل يوم من أيامنا يوماً وطنياً، يتجدد فيه العطاء، ونقدم فيه التضحية، ونبذل فيه الجهد، ونؤكد به العزم على أن نظل أمة تتطلع إلى الغد المشرق بآمال ترافقها الأعمال وتواكبها العزائم المخلصة، والنيات الطيبة وصدق الله القائل: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ. ولا يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أذكر تلك الجهود التي بذلها جلالة الملك المغفور له سعود، وجلالة المغفور له الملك فيصل، الذي دعم البناء داخلياً وخارجياً راجياً المولى سبحانه أن يوفقنا لخدمة ديننا، وبناء وطننا، وتعزيز التضامن العربي والإسلامي، والتعاون العالمي.

          والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.