إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك خالد
بمناسبة القضاء على الفتنة التي حلت ببيت الله الحرام
(أم القرى العدد 2798 في 18 محرم 1400 الموافق 1 ديسمبر 1979)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

          الحمد لله الذي بيده النصر، وهو على كل شيء قدير، أحمده على نعمة الإسلام التي هي أجل النعم، وأكملها، وأوفاها، وأشكره، سبحانه، على توفيقه لنا بتيسير إخماد فتنة هؤلاء المعتدين الظالمين، الذين استهدفوا أشرف البقاع، وأطهرها، وأحبها إلى الله  ـ بلده الحرام وبيته العتيق ـ فراحوا ينشرون فيها فسادهم، ويروعون الآمنين فيها، ويخيفونهم، ويعرضون الأبرياء من المصلين، والطائفين، والذاكرين الله لأبشع أنواع الخوف والترويع، وإراقة الدماء المحرمة في الأرض الطاهرة، حول البيت العتيق، الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً.

          فله الحمد، سبحانه، والشكر أولا وآخراً، والصلاة والسلام على سيدنا وهادينا إلى طريق الحق، محمد عبدالله ورسوله، الذي أبان لنا الحق أوضح بيان، وحذرنا من الفتن ومروجيها أشد التحذير، وحثنا على القضاء عليها وعلى دعاتها؛ لمنع فسادهم، وكف أذاهم عن المسلمين. وإن أكرم ما نعتز بالمحافظة على طهره، وأمنه، وسلامته، الأماكن المقدسة، التي شرفنا الله بخدمتها، ومن علينا بذلك، وله المنن التي لا تحصى. هذه الأماكن التي هي بيت الله العتيق، وحرمه الشريف، الذي حرمه يوم خلق السماوات والأرض. ومسجد رسوله الكريم، ثاني المساجد الثلاثة المفضلة، ومسجد الهجرة.

          وإني لأشكر الله جلت قدرته الذي ليس لنا نصر، ولا حول ولا قوة إلاَّ به، سبحانه، ومنه نستمد كل عون، أشكره أكمل الشكر وأجله، وأسأله أن يوفقنا دائماً لما يحبه ويرضاه، وأن يجتنبنا أسباب غضبه وعقابه، وأن يدفع عنا بمنه وكرمه، شر الأشرار، ومكرهم، وأذاهم.

          ثم إني بعد ذلك أعرب عن تقديري وامتناني وإعجابي بالروح التي قابل بها شعبنا العزيز هذه الفتنة من الصمود والتفهم، والوقوف بجانب ولاة أمره، وتأييدهم البالغ بالقول والعمل، والتعاون الصادق، والتضحيات، مما يبعث على الاعتزاز، والارتياح، والشعور بالمساندة في حال السراء والضراء، كما أبدي إعجابي البالغ برباطة الجأش والثبات، الذي تحلى به سكان البلد الحرام، وحجاج البيت العتيق، وما أبدوه من مشاعر الولاء، وعواطف المحبة، ومن السخط، والنقمة على الفئة المعتدية على بيت الله وحرمه، مما ساعد السلطات المختصة على أداء مهمتها بنجاح تام، ولله الحمد.

          أما أولئك البواسل الشجعان المدافعون عن بيت الله، وبلده الأمين، من مسؤولين، وضباط، وصف ضباط، وجنود الذين نالوا شرف العمل المباشر، واقتحموا على المعتدين في الحرم الشريف، وتعرضوا لنيرانهم غير مبالين بها، وإنما كان همهم إخماد الفتنة، والقضاء عليها، وإراحة العالم الإسلامي من أذاها وآلامها، فاستبسلوا في سبيل ذلك حتى وصلوا إلى غرضهم، وطهروا حمى البيت العتيق من رجس المفسدين، أما هؤلاء فلهم منا جميعاً الشكر، والتقدير، والتهنئة، على جهودهم وجهادهم، نسأل الله أن يثيب أحياءهم أجمل الثواب، في حياة طيبة آمنة، وأن يثيب من انتقل منهم إلى الدار الآخرة ثواب الشهداء المبرورين.

          كما أوجه شكري وامتناني إلى كل الزعماء والقادة في العالم الإسلامي خاصة وفي شتى أنحاء العالم، الذين أعربوا لنا عن استنكارهم، واستهجانهم، ومقتهم لعمل تلك الفئة القذرة الظالمة، سواء من أبدى لنا ذلك منهم مواجهة بقدومه إلينا، أو أعربوا لنا برسائلهم، وبرقياتهم، أو بالاتصال الهاتفي، أو بواسطة مندوبيهم. وأشكر لهم تأييدهم للإجراءات التي اتخذناها في معالجة الموقف، وتطهير بيت الله وحرمه.

          وإني أرجو من كل من أعربوا لنا عن عواطفهم وتأييدهم لنا أن يعتبروا رسالتنا هذه إعلان شكر وتقدير لهم، وأسأل الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يمد ظل الأمن والأمان والرفاهية على بلده الحرام، وبلاده المقدسة، وسائر بلاد العالم الإسلامي، والعالم أجمع، وأن يرزقنا شكره، والقيام بأمره، وأن يصون بلادنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع مجيب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.