إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الأمير سعود في العلماء
ورجال القضاء وهيئات الأمر بالمعروف بمنطقة الظهران
(أم القرى العدد 1452 في 6 جمادى الثانية 1372 الموافق 20 فبراير 1953)

          "إني دعوتكم بمناسبة سفرنا؛ لأطلب إليكم أن تكونوا خير مثال للهدي الذي نرجوه لأمتنا، وقد عهدتكم أمناء، ولله الحمد، على واجبكم، وقد اقتضت الزيادة الملموسة في هذا المنطقة في عدد السكان، والحركة، والنشاط، أن ندعم مرافقنا العامة بها، والإدارات الحكومية، وفي مقدمتها دوائر الدين. وثقوا أننا لن ندخر وسعاً في سبيل رفع مستوى شعبنا، وقد اطلعتم على ما قمنا به أثناء إقامتنا هنا من مشاريع، نرجو أن تكون عاملاً على تحقيق العدالة الاجتماعية، التي نريدها لجميع الأفراد من مختلف طبقات الأمة، مسترشدين بهدي الله، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم. واعلموا أنه أهم ما وجهنا إليه ديننا هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فمن الواجب أن نحرص على تحقيقه، والإخلاص في إبلاغه، والقيام به في رفق وبالحسنى". وقال سموه حفظه الله: "إن كتاب الله تعالى هو ديننا ومرجعنا، وسنة رسوله، عليه الصلاة والسلام، هي دليلنا، وفيهما كل ما تحتاجه من تبصر، وخير، ورشاد، ونحن من جانبنا سنحرص، إن شاء الله، كل الحرص على إقامته، واتباعه، وتحكيمه في كل أمر من الأمور، وسنهتدي به على توفق من الله إلى توفير أسباب الخير لأفراد الشعب جميعاً، وأرجو أن تتعاونوا من جانبكم على إقامة الحق والبر والتقوى، ففي الحديث الشريف: الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله، أبرهم بعياله، وقد هيأ الله لنا فرصة هذا الفضل الكبير، فنحب أن تخلصوا، وأن تتبينوا الحق دائماً؛ فتتبعوه، وأن تتبينوا السيئ فتجتذبوه، وإننا نشكر الله تعالى الذي أمدنا بعونه وتوفيقه، وهيأنا للخير، وهيأ الخير لنا، وثقوا أن العمل الصالح دائماً هو السبيل القوي إلى النجاح، والله تعالى يقول: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ، والسيء دائماً عواقبه وخيمة، أعاذنا الله وإياكم من كل شيء ومكروه، ويجب أن نعمل دائماً على مجاهدة النفس، وصرفها عن الشر إلى الخير، وهذا هو الجهاد الأكبر؛ لأن النفس أمارة بالسوء، إذا تركت تغلبت عليها الشهوات والهوى، وهذا هو ما عناه الرسول  الكريم، صلى الله عليه وسلم، حينما قال بعد عودته عليه الصلاة والسلام من غزوة حنين: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس ثم قال سموه: "إن هذا هو سبيلنا، وهو ما ندعوكم إليه دائماً، والله، سبحانه وتعالى، سيؤيدنا بروح من عنده، ما دامت النوايا طيبة منا، فالعبرة دائماً وأبداً بالنية، وليس بالأقوال والمظاهر. وفي الحديث: إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أقوالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فإذا صلحت النية وكانت حسنة، صلحت الأحوال؛ وإن ساءت، لا قدر الله، ساء المصير". وهنا قال حضرات أصحاب الفضيلة: "إن الله تعالى قد قيضكم لنصر دينه، ووفقكم لنشر رايته، وبث تعاليمه، وإقامة حدوده، فنلتم رضاءه وتأييده، وإننا سنعمل، إن شاء الله تعالى وبتوفيقه، على تحقيق كل ما تبرأ به ذمتنا أمام الله، وما نرجو أن يكون دائماً موضع رضاكم". فقال سموه حفظه الله: "إننا نأمل فيكم الخير، ونثق بأنكم ستقومون بالواجب على الوجه الأكمل، وإننا نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للخير، وإن يجنبنا الهوى، وسوء المصير، والله المستعان".

          ثم أثنى سموه الكريم على حضرة صاحب السمو الأمير سعود بن جلوي أمير هذه المقاطعة وقال: "إنه موضع الثقة منا، وموضع التأييد فهو مرجعكم في كل الأمور".

          وقد كان لهذا الحديث السامي، والتوجيهات الكريمة أثرها الطيب في نفوس الجميع فانصرفوا مغتبطين بهذه اللحظات السعيدة، وعلى وجوههم سمات الغبطة والتحفز إلى بذل مزيد من الجهد في أداء رسالتهم، والوصول إلى الغاية الكريمة. حفظ الله سموه الكريم حارساً للدين، وراعياً للنهضة الكبرى، في ظل مولانا صاحب الجلالة الملك المعظم.