إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود إلى شعبه في مكة المكرمة
(أم القرى العدد 1491 في 20 ربيع الأول 1373 الموافق 27 نوفمبر 1953)

أبنائي أهل البلاد المقدسة الكرام،
          في هذه الساعة التي عزمت أن أغادر فيها هذه البلاد المباركة، تتجه بي الذكرى الأليمة إلى مؤسس كيان وطننا العزيز، ومنشئ المجد والعز لأمتنا المحبوبة، المغفور له، والدنا ووالد الأمة جميعاً، تغمد الله روحه برحمته الواسعة، ويدفعني الواجب إلى أن أوجه شكري على ما أظهرتموه نحوي من عواطف صادقة، وحفاوة بالغة منذ تبوئي العرش. إن عواطف الإخلاص والولاء التي انبعثت من أعماق قلوبكم على أثر هذه الكارثة التي حلت بالبلاد بفقد قائدها، وباني مجدها، جلالة والدنا العظيم، كان لها أبلغ الأثر في نفسي، وفي نفوس أفراد الأسرة، وكانت لنا أعظم سلوى، وأكرم عزاء، ونحن لن ننسى هذه العواطف التي تجلت في ترحيبكم الرائع، واستقبالكم المنقطع النظير، وجموعكم المحتشدة في كل مكان، تعبر عما نعرفه من الجميع من المحبة والمودة والولاء.

          والآن، وقد ودعنا فقيدنا الغالي الوداع الأبدي، والحزن والأسى ملء القلوب، فقد أصبح لزاماً علينا، نحن الذين شاءت الحكمة الإلهية أن نبقى بعده، ونتبوأ العرش الذي شيد أركانه، أن نفي بواجبنا نحوه، بأن نتتبع خطاه، ونتخذ منها قبساً نسير بنوره في إنهاض أمتنا، تلك الأمة التي أحبها، وأحب أبناءها فوق كل شيء، وأفنى حياته الغالية في سبيل خدمتها، وإسعاد أبناءها. وإنني أؤكد لكم بأنني سأواصل، بإذن الله ثم بمؤازرة أبناء شعبي، الجهود لتحقيق ما يصبون إليه من نهضة شاملة بالبلاد، وتقدم مطرد في جميع مرافقها الحيوية، ومن الجلي للجميع أن هذا يحتاج قبل كل شيء إلى درس علمي وفني للمشاريع العمرانية والإنشائية، وإلى وضع مناهج إصلاحية مؤسسة على هذه الدراسة يعنى فيها بتقديم الأهم على المهم، وأمام القيام بها مصاعب ومتاعب، ولكنها تتلاشى  ما دام رائدنا الإخلاص وحسن النية، وما دام شعور التعاون وثيقاً بين الحكومة والشعب؛ على إنني أحب أن أصارحكم أننا نحتاج فوق كل ذلك إلى التذرع بالصبر، والتدرج في العمل في روية وحكمة، وإني لآمل منكم جميعاً أن تتواصوا بالتمسك بأحكام الدين الحنيف، والأخلاق الفاضلة، واتحاد الكلمة، ففي هذا تجدون لكم القوة والمنعة، ولأمتنا العز والكرامة، والرابطة المتينة التي تربطنا، وتعلي شأننا، وتسمو بمكانتنا بين الأمم.

أبناء شعبي الكرام،
          
أود، قبل أن أختم كلمتي هذه، أن أؤكد لكم بأني قد وطدت العزم بحول الله تعالى على السير بأمتنا نحو هدفها المنشود، وسأذلل، بإذن الله، كل صعوبة تعتور طريقنا؛ لتحقيق حياة سعيدة، وعيش رغيد بأبنائها ـ إن شاء الله ـ ومن الله التوفيق، وعليه الاعتماد.