كلمة الملك سعود لأهالي جدة
(أم القرى العدد 1534 في 10 صفر 1374 الموافق 8 أكتوبر 1954)

          "إن مظاهر الولاء الرائعة، وآيات الإخلاص البليغة، التي بدت من شعبنا الكريم في كل بقعة حللناها من وطننا العزيز، والتي بلغت ذروتها في حفلكم هذا، الذي نشكركم عليه أبلغ الشكر، كل ذلك ليدل على ثقة توطدت في النفوس، وفكرة استقرت في الأذهان، وعاطفة نمت في القلوب، قامت كلها على أساس من الرضا المتقابل، والأمل المتبادل، والمحبة المشتركة بين الأمة وبين من تولى مقاليد أمورها.

          إنها إعلان ذو صدى ودوي على أن ما تعاقدنا عليه في البيعة قد تحقق، وأن كل فريق منا قد أدى قسطه، واستوفى حقه.

          لقد قام الشعب بواجب الولاء والطاعة، وقام ولي الأمر بواجب السهر والرعاية؛ فنعم الفريقان، واعتز الوطن.

          وإن هذا الاستقرار الذي يقوم بحمد الله وتوفيقه على بحبوحة من العيش، ووفرة في الأعمال، وازدهار في التجارة، في أمن شامل، وسلام كامل، انتظم البلاد من أقصاها إلى أقصاها، في زمن تخبطت فيه بلاد العلام بشتى المشاكل والمعاضل، وألوان الأحزاب والتناحر، لدليل أبلغ، وبرهان أسطع من هذه المظاهر الكريمة المشكورة على حسن الحال، وتقارب القلوب، وتوثيق عرى الأخوة في هذا الوطن العزيز. وما كان هذا إلاَّ بفضل تمسكنا بحبل الله المتين، والعمل بكتابه وسنة نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم، بذلك حصل الانسجام، وبنوره تم التوفيق من الله العزيز الحكيم.

          على أننا نرى أن ما قمنا به، نحن وشعبنا العزيز في هذه السنة، إنما كان باكورة يانعة تبشر بثمار أطيب وأجزل، وأساساً لبناء أعلى وأقوم. بل كان عملاً بدائياً يدل على اتجاه قصدناه، وخطة رسمنا معالمها، وجد فيها شعبنا النابه الغاية التي يصبو إليها، والهدف الذي يرمي إليه.

          ففي هذه الوجهة، التي ولينا وجهنا شطرها، والتي اكتسبت ثقة الجميع، فكانت هذه المظاهر الرائعة إقراراً لها، وإعلاء لشأنها، في هذه الوجهة سنضع حبة القلب وعصارة الفكر وغاية الجهد، ونطلب من الجميع أن يبذل فيها كل مستطاعه، ويلتزم تقوى الله فهي رأس الحكمة وأس النجاح. بهذا نصل إلى الغاية، ونفوز بنعيم الدارين. اللهم اهدنا صراطك المستقيم، إنك سميع مجيب.