إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود
إلى المسلمين بمناسبة شهر رمضان المبارك
(أم القرى العدد 1563 في 6 رمضان 1374 الموافق 29 أبريل 1955)

          الحمد لله الذي أنار سبلنا بنور الإسلام، وهدانا به سبل السلام، وزكى نفسنا بفريضة الصيام، وجعله ليبلو صبرنا في طاعته، ويشحذ همتنا في عبادته، ويحدونا لاستباق الخيرات، والتنافس في المبرات، والأعمال الصالحات، والصلاة والسلام على خير أنبيائه محمد، صلوات الله وسلامه عليه، دعانا للحق، وإلى طريق المستقيم.

          وبعد: فإنه يطيب لنا اليوم، إذ نستقبل شهر الصيام المبارك، أن نرسل على موج الأثير من مهبط الوحي، مهد الإسلام إلى إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، قاصيها ودانيها، أطيب الأماني، شاكرين المولى، عز وجل، على آونة شهر رمضان المبارك يحفزنا بتشمير سواعد الجد للاجتهاد في طاعته، والتزود للقائه، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلاَّ من أتى الله بقلب سليم.

إخواني المسلمين،
          
إن الإسلام دين عمل وجد، لا تجزي فيه الأموال عن العبادة التي تؤديها الأعمال، ودين جد لا مجال للخمول فيه، وهو دين القوة في طاعة الله، ودين العزة بالتقرب إلى العزيز الجبار، ولله العزة ولرسوله والمؤمنين، ولقد قام الإسلام على مبادئ سامية الأنظمة بالأخوة بين المؤمنين، وبالعدل للناس أجمعين، تنهي عن الاعتداء؛ لأن الله لا يحب المعتدين. وتأمر بالحسنى؛ لأن الله يحب المحسنين. وهي تحضنا على التعاطف، والتراحم، وكف الأيدي عن الأذى، وإطلاقها في الخير والإحسان. بهذه المبادئ السامية اعتلى المسلمون متن الزمن، وبعثوا شعاع الفكر المفيد في دياجير الجهالة؛ فاستوى عصرهم الذهبي بالأمر بالمعروف؛ والنهي عن المنكر؛ فكانت لهم الدنيا، وسطروا صفحات الجد في تاريخ العلم، ثم عاد المسلمون على أعقابهم، وتنكسوا بتراخيهم في أمور دينهم، والابتعاد عن مبادئه السامية، فطاح بهم الزمن، وتخطفهم الناس، وصاروا بغية الطامعين، ومطية المفسدين.

          وها نحن اليوم نستقبل، بعون الله وتوفيقه، عهداً مباركاً من الوعي الشامل، ونشعر بدافع من الخير الكامن، يحدونا إلى العودة إلى مبادئ ديننا الحنيف، والتمسك بخلقه القويم، والثبات في شرعته؛ لنستعيد ما فقدناه من عزة، ونسترد ما كان لنا من مجد، ونصبح بتوفيق المولى آلة صالحة فعالة في هذا العالم المضطرب، نعمل للخير، وندفع الأذى، ونعزز السلام والطمأنينة في ربوع العالم، وندعو للعدل والنصفة بين الناس، ونأخذ بالمعروف والإحسان.

إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،
          
لنتخذ من شهرنا المبارك، الذي أطل علينا هلاله الميمون، حافزاً ودافعاً لتجديد عهدنا مع ربنا في إخلاص العبادة له وحده، وحزم أمرنا، وجمع كلمتنا على مبادئنا السامية؛ لنكفل لأنفسنا وشعوبنا، ولأمتنا عز الدنيا، ونعيم الآخرة، ونكون في هذا العالم نبراساً يُهتدى به، وقدوة يقتدي بها، والله ولينا، وهو نعم المولى ونعم النصير.