إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الملك سعود إلى جموع المسلمين في عرفات
(أم القرى العدد 1871 في 18 ذو الحجة 1380 الموافق 2 يونيه 1961)

بسم الله الرحمن الرحيم
           أحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
إخواني المسلمين

          الواقفين في جبل عرفات، في هذا اليوم الشريف، يوم الحج العظيم تجمعت جموعنا من أقاصي المعمورة، تلبي دعوة أبينا إبراهيم الخليل يوم أذن في الناس بالحج، وتقتفي أثر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم وقف في هذا المشعر الحرام في آله وأصحابه، يتلو على المسلمين ما أنزل الله عليهم في مثل يومكم هذا
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا.

          والحمد لله على ما أنعم به علينا جميعاً من كمال دينه، وإتمام نعمته، وما رضيه لنا من الإسلام الحنيف ديناً قيماً يدعو إلى خير الدنيا والآخرة، ويحث على مكارم الأخلاق، ويفرض علينا التوحيد الخالص لله وحده، لا شريك له في أفعالنا وفي أقوالنا، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحانه، لا نحصي ثناء عليه. هذا ولما كان الحج عرفة فإننا نقف اليوم في أرجائها كتلاً متراصة، وصفوفاً متماسكة؛ نستقبل القبلة ونلبي الله، ونشكره ونحمده ونثني عليه بقلوب خاشعة مطمئنة، ترجو ثواب الله ورحمته، وتخشى عذابه وعقوبته، لهذا فإنني أوصي نفسي أولاً ثم أوصي إخواني المسلمين من شهد منهم هذا الموقف، ومن لم يشهده، بتقوى الله وبإخلاص العبادة له، والاتكال عليه والاستعانة به، وبالإنابة إليه، والتوفيق منه، وحده لا شريك له، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صلاتنا وحجنا، وعبادتنا في هذا اليوم المشهود وفي هذا المقام المحمود وأن يجعل كل ذلك منا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لما فيه جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم ولم شملهم، وخدمة هذا البيت الذي جعله الله قبلة الأرض ومنار الإسلام ومشرق الهدى ومعقل الإيمان. وكما وفقني الله سبحانه وتعالى لإتمام عمارة المسجد النبوي الكريم، أسال الله تعالى أن يتم على فضله الذي عودنا به، وتوفيقه الذي شرفني به لإكمال المشروع الإسلامي الخالد الذي بدأناه ونعمل الآن ليلاً ونهاراً لإتمام عمارة المسجد الحرام الذي جعله الله مثابة للناس في مهبط الوحي المحمدي. وقلعة العقيدة الإسلامية من مكة المكرمة زاده الله شرفاً ورفعة ومهابة وقدراً.

          إخواني المسلمين: في هذا المشعر الحرام دعونا نتجه الآن في يومنا هذا، ومن مكاننا هذا إلى الله تعالى، نتجه إليه بقلوبنا وبأسماعنا وبأبصارنا وبخوالج أفئدتنا بالدعاء إلى الله بأن يجمع على الخير قلوبنا، وعلى البر والتقوى عزائمنا، وإن يمن علينا برضوانه، وغفرانه وأن يرعى برعايته ويكلأ بعنايته إخواننا الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم ومن أوطانهم بغير حق، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين منصورين بعد أن يعين الله على إخراج العصابة الشريرة الفاجرة التي أخرجتهم من ديارهم ظلماً وعدواناً، وأن يؤيد بنصره إخواننا المجاهدين في عمان والجنوب العربي حتى تتحرر جزيرتنا من الغاصبين والمحتلين. وأن ينصر الله بنصره إخواننا المجاهدين في الجزائر، المدافعين عن بيضة الإسلام، وعن كرامة العروبة وعن عقيدة التوحيد اللهم إنهم عصابتك الموحدة، وكتيبة الإسلام المناضلة يدافعون عن حريتهم بدمائهم، ويذودون عن عقيدتهم بأرواحهم، ويموتون شهداء على كل شبر من أديم أرضهم، اللهم ثبت أقدامهم، وأنزل السكينة عليهم، وأيدهم بروح من عندك، اللهم أسبل ألوية الإسلام على صفوفهم، وعلى السهل والجبل من الجزائر خفاقة بنصرك، رفافة بتأييدك معقوداً بها النصر، والتوفيق والظفر. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وأسأل الله المزيد من فضله وبره وكرمه، وأصلي وأسلم على محمد وآله وصحبه في المبدأ والختام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.