إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          وإذا كانت الشعوب المحبة للسلام تستطيع أن تكون نداء الضمير في عالمنا فان الدول الكبرى هي أعصاب هذا العالم. وعلى سلامة هذه الأعصاب تركز سلامة الكيان كله. على أننا بعد ذلك كله لا نتصور أن موقفنا هنا سيكون موقف التعلق بالأمل وحده، دائماً ـ وأنني في هذا لا أعبر عن الجمهورية العربية المتحدة وحدها، وانما أنقل إلى مسامعكم أيضا ما نتمناه وأحسسنا به من اجتماعات عريضة مع الشعوب الآسيوية الأفريقية ومؤتمرات امتدت على الخط العريض من باندونج إلى دلهي إلى القاهرة إلى أكرا إلى كونكري.

          مؤتمرات أعلنت فيها شعوب هاتين القارتين العظيمتين أنها بعد الأمل في السلام على استعداد للعمل من أجله إلى أقصى المدى الذي تسمح به الظروف العملية التي تحكم عالمنا. فعلى هذا الأساس فأننا نرى أن هناك مشكلتين محليتين تواجهان عالمنا اليوم وعندهما يمكن أن نجد التفسير الحقيقي لما يجري أمامنا من الحوادث.

          المشكلة الأولى منهما هي مشكلة نزع السلاح.

          والمشكلة الثانية هي مشكلة الاندفاع العظيم نحو الحرية سواء من ناحيتها السياسية، أو ـ وذلك أمر بالغ الأهمية ـ من ناحيتها الاقتصادية.

          وفيما يتعلق بمشكلة نزع السلاح فأننا نرى أن هناك مرحلة تمهيدية لابد منها قبل الوصول إلى تفاصيل الحلول لهذه المشكلة. تلك المرحلة الحتمية هي ضرورة وجود الرغبة فيها عملا قبل إبداء هذه الرغبة قولا. ولا يمكن أن توجد هذه الرغبة إلا بعد أن تزول أعراض الحمى المفاجئة التي ارتفعت بها حرارة الحوادث بعد أن تحطم مؤتمر باريس.

          وأننا لنرى للدول غير المنحازة دوراً كبيراً في هذه المرحلة وأننا لنؤمن أن توسيع نطاق التشاور والاتصال هو في حد ذاته مساهمة إيجابية في مواجهة الحدة والتوتر. كذلك فأننا نرى أن إجراء هذه المشاورات والاتصالات في نطاق الأمم المتحدة هو بمثابة محاولة لوضع ضمان يمنع أيا منا أن يختط لنفسه بعيدا عن المجموعة الدولية طريقا يشرد إليه على أننا نعود فنكرر أن مواجهة المشكلة في إطار الأمم المتحدة لا ينفي عن الدول الكبرى نصيبها الأكبر في المسؤولية. ذلك أن مشكلة نزع السلاح تتصل باعتبارات علمية وفنية بالغة التعقيد وأن الدول الكبرى التي استطاعت بإمكانياتها أن تصل إلى التفوق العلمي والفني الذي مكنها من صنع الأسلحة النووية لأقدر من غيرها بحكم هذه الإمكانيات على أن تجد الوسائل الفعالة لإزالة الخطر الذي يهدد العالم وتحويل الطاقة النووية من مجال التدمير لكي تصبح طاقة محركة للتقدم نحو الأفق غير المحدود الذي شاء لنا الله أن نصل إليه حين فتح مغاليق الكون وأسراره أمام عيوننا.

          هكذا فإننا الدول غير المنحازة نقدر على الدعوة من أجل السلام ونقدر على أن نصل الأطراف المتباعدة وصولا إلى التعايش السلمي بين الدول ذات العقائد الاجتماعية المختلفة، ونقدر على المساهمة في خلق الجو الذي يساعد على تخفيف حدة التوتر ويشيع الطمأنينة في النفوس ثم لا نملك بعد ذلك إلا أن نشارك في وضع القواعد العامة التي يمكن أن نصل منها إلى النتائج المثمرة. نملك أن ننادي بإزالة القواعد العسكرية، ونملك

<11>