إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          ذلك هو التفسير الأمين للثورة من أجل التصنيع على أوسع مدى. ذلك هو التفسير للثورة على المظالم الاجتماعية التي ورثتها الشعوب من عهد الإقطاع، ذلك هو التفسير للثورة على سياسة مناطق النفوذ، ذلك هو التفسير للثورة على محاولات الاستغلال والاحتكار الاستعمارية ومحاولات التحكم في أسعار المواد الخام، الأمر الذي يبدو وكأنه محاولة متعمدة لعرقلة تطور الدول المنتجة لهذه المواد وابقائها مجرد مخازن لها، وهو الأمر الذي تبدو معه جميع عروض المعونات البراقة وكأنها تحايل مكشوف، ذلك أن ما تخسره الدول المتخلفة من التحكم في خاماتها واستغلال مواردها الطبيعية على نحو يجافي العدل لا يكون إلا نسبة ضئيلة من كل ما يعرض عليها من المعونات والقروض.

          وما من جدال أننا نتمنى لو قدرت الأمم المتحدة على القيام بهذه الرسالة رسالة دفع الحرية الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الحرية السياسية، وأننا لنتصور أن الوصول إلى نزع السلاح يمكن أن يكون ثورة عميقة الجذور في هذا الميدان إذا ما وجهت اعتمادات التسليح أو أجزاء منها نحو التطوير الصناعي والزراعي في البلاد المتطلعة إلى حريتها الاقتصادية.

          كذلك فإني أتمنى أن ندرك هنا أنه ليست هناك شعوب متخلفة وشعب متقدمة، وأنما هناك شعوب واتتها الفرصة التعلم وشعوب أخرى حرمت هذه الفرصة بالقوة والضغط، شعوب انطلقت إلى التجربة وتفاعلت معها، وشعوب حيل بينها وبين أن تجرب قدرتها أو تكتشف ملكاتها وأن تصمد في امتحان الحياة.

          ولقد كان يقال لنا انه ليس من حقنا أن نطالب باستعادة ملكية قناة السويس لأن إدارة القناة من جميع النواحي مشكلة بالغة التعقيد وأن شبابنا مهما بلغ من درجة علمه وتمكنه من فنه لن يقدر على تحمل مسؤوليات إدارة قناة السويس قبل خمسين سنة. وأنكم لتعلمون الآن أن قناة السويس تحت الإدارة العربية تؤدي دورها في خدمة الاقتصاد العالمي بأكبر وأكفأ مما كن حالها قبل أن نستعيدها للشعب الذي حفرها طريقا لرخاء العالم ورخاء نفسه.

          ولقد واجهنا تجربة تطورنا وتفاعلنا معها وأثبتنا انه برغم كل ما وجدنا من صعاب وبرغم كل ما واجهنا وما كان لابد أن نواجهه بالتجربة والخطأ فان الدخل السنوي للفرد في الإقليم المصري من الجمهورية العربية المتحدة قد زاد بعد الحرية بنسبة سبعين في المائة في مدى سبع سنوات.

          سيادة الرئيس

          أيها السادة.

          لقد بذلت جهدي حتى لا يطغى إحساسنا الخاص بقضايانا المحلية على الاحتمالات الخطيرة في الموقف الدولي الآن. وإذا كنت قد أشرت دون دخول في التفاصيل إلى بعض هذه القضايا، قضايانا فلقد قصرت تعرضي لها على الناحية التي تربطها عموما بالسلام وبالأمم المتحدة ومن الواضح على أي حال أننا نؤمن بأن خدمة السلام في مجاله العام وهي في نفس الوقت خدمة لقضايانا.

<14>