إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          وفي فلسطين لابد أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها تجاه فلسطين وشعبها العربي تلك أبسط حقوق ذلك الشعب الباسل الذي يواجه في القرن العشرين محنة لم يسمع بمثلها في أظلم عصور التاريخ. وذلك هو الحل الوحيد لمشكلة اللاجئين من أبناء هذا الشعب وأن الأمم المتحدة هنا تعلم من سوء أحوالهم ما يكفي لرسم صورة محزنة للظلام الذي يحيط بمليون من البشر طردوا من أوطانهم وديارهم وسلبوا كل ما كانوا يملكون، بل كل حياتهم. ولست أريد هنا أن أستدر دموعاً على أحوال اللاجئين من شعب فلسطين. وإنما نريد لشعب فلسطين حقوقه كاملة ولا نريد له الدموع.

          وأن التعلل بالأمر الواقع لخطيئة كبرى ترتكب في حق المبادئ. ولو قبلنا هذا التعليل لما جاز مطاردة السارق لنسترد منه ما سرق ولنقتص منه بحكم القانون ذنبه ذلك أن سرقته تصبح بعد إتمامها أمراً واقعاً.

          إنما الأمر الواقع على غير أساس من العدل وحكم القانون إعوجاج ينبغي على المجتمع تقويمه وتلافيه.

          سيادة الرئيس

          أنه من الأمور البالغة الأهمية ألا تنسى الأمم المتحدة نفسها. لا تنسى ميثاقها ولا تنسى قراراتها، وإلا فأننا نشجع بذلك الذين يحاولون تناسي الأمم المتحدة وتجاهل وجودها. وإننا لنرى أمامنا المثال الصارخ الفاضح لهذا التجاهل في سياسة فرنسا تجاه الجزائر فلقد عرقلت الحكومة الفرنسية كل محاولة للأمم المتحدة تستهدف وضع حد للمجازر الاستعمارية في الجزائر وراحت هذه الحكومة تتصور أنها قادرة بالمدافع على أن تغير إرادة الله الذي جعل الجزائر قطعة من القارة الأفريقية وجعل شعبها جزءا من الأمة العربية فإذا هي تحاول أن تجعل من أرضها امتدادا جغرافياً لفرنسا، ومن شعبها شعباً تابعاً مستعبداً. وبرغم كل المحاولات التي بذلتها الحكومة الجزائرية الحرة التي تعبر عن تصميم شعب الجزائر وترمز لإصراره على الاستقلال، رغم كل المحاولات التي بذلتها هذه الحكومة الجزائرية من أجل الوصول إلى حل سلمي فإن هذه المحاولات كلها لم تصل إلى نتيجة إيجابية. بل لقد حدث يا سيادة الرئيس في مطلع سنة 1956 أن وزير خارجية فرنسا في ذلك الوقت مر بالقاهرة وكان حديثنا بالطبع عن الحرب في الجزائر، وكانت هذه الحرب قد سلخت حينذاك اقل من عام من عمرها. وطلبت مني الحكومة الفرنسية بلسان وزير خارجيتها أن يتوسط لإيجاد حل سلمي.

          وكان ردي أنني على استعداد للتوسط صيانة للحقوق وصيانة للدماء. وأنه ليس أحب إلينا من عقد سلم شريف يصون لكل صاحب حق حقه. وأبدت الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت رغبتها في إرسال وفد إلى القاهرة ليتولى المفاوضات مع زعماء المقاومة في الجزائر. ولقد أرسلت فعلا إلى هؤلاء الزعماء أدعوهم إلى القاهرة ليلتقوا بالوفد الفرنسي حين يجئ لعل المحاولة أن تسفر عن بارقة رجاء. ومن أسف أن الوفد الفرنسي وصل إلى القاهرة فعلا والتقى بالوفد الجزائري ثم سافر هذا الوفد إلى فرنسا لإجراء مشاورات مع حكومته وظل الوفد الجزائري في انتظاره في القاهرة ولكن الوفد الفرنسي لم يعد حتى هذه اللحظة إلى

<6>