خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          أن الأمم المتحدة لنا جميعا وبنا جميعا ومن أجلنا جميعا، لا هي لدولة دون دولة ولا هي لكتلة ضد كتلة ولا هي لحساب معسكر على حساب معسكر آخر. صوتها دائماً للحق والحق هو الحرية، والحرية هي الطريق إلى السلام.

          هذه ملاحظة. والملاحظة الثانية تتعلق بالجو الذي أحاط ببعض وفود الدول إلى هذا الاجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة. أن بعض الوفود التي قدمت إلى هنا، ولم يكن وفدنا بينها، ولذلك يبدي الملاحظة دون تحرج أو حساسية، لم تلق ما كان يجب أن تلقاه في تقديرنا من روح الفهم والتسامح.

          وأننا نؤمن أنه من حظ الأمم المتحدة أن تكون هنا في ضيافة الشعب الأمريكي العظيم، ولكننا بنفس المقدار نؤمن أنه شرف للشعب الأمريكي أن تكون الأمم المتحدة في ضيافته.

          سيادة الرئيس

          لقد أحسست أنه من واجبي أن أقول كل هذا الذي قلته عن الأمم المتحدة وعن ميثاقها وعن أعمالها عن الظروف المحيطة بها، لا لأني أقصد نقداً أو إحراجا، ولكن حرصاً على الأمم المتحدة وغيرةً على ميثاقها وإيماناً مطلقا بها منا نحن الذين عشنا خلال كفاحنا ضد الاستعمار وقتاله، مع الأمم المتحدة في أروع أيامها، نحن الذين نعتبر أن تعاون الأمم المتحدة معنا وتعاوننا معها خلال تلك الظروف العصيبة التي مر بها وطننا من أعظم بواعث الأمل في مستقبل المجتمع الدولي.

          نحن الذين شهدنا الأمم المتحدة تحرز في بلادنا أعظم انتصاراتها لمبادئها وميثاقها، نحن الذين برز معنى الأمم المتحدة في بلادنا كحقيقة تعلو على مطامع الاستعمار وأهواء الدول الكبرى.

          وانتقل الآن إلى السبب الثالث من أسباب اهتمامنا بهذه الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ازدياد حدة التوتر الدولي واشتداد الحرب الباردة إلى حد لم يسبق له مثيل منذ انتهت الحرب العالمية الثانية.

          إن أعز أمانينا ـ يا سيادة الرئيس ـ أن تمضي هذه الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في التاريخ باعتبارها دورة السلام.

          وليس معنى ذلك أننا نتصور أن المشاكل الكبرى ذات الجذور المتشعبة المتشابكة التي تواجه عالمنا الآن هي مما يسهل حله في اجتماعات تعقد أو مناقشات تدور خلال الفترة القصيرة من الزمان التي تستغرقها دورة الانعقاد الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.

<8>