(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر بمناسبة العيد الخامس عشر لثورة 23 يوليه

اللجنة خيرة العناصر القيادية في هذا الوطن وآمل أن تقوم بدورها القيادي على أكمل وجه وذلك يتمثل أكثر ما يتمثل في إطلاق حيوية ونشاط قوى الشعب العاملة وإبراز قيادته ليكون ذلك مدخلاً إلى ديمقراطية أوسع وأعمق لقوى الشعب العاملة، بحيث تستطيع الثورة أن تحقق انتقال حقيقي وكامل للديمقراطية السليمة فور الانتهاء من آثار العدوان. نحن كنا نهدف دائماً إلى إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وكنت بقول لا وجود للديمقراطية السياسية إلا بالديمقراطية الاجتماعية، لا حرية سياسية إلا بحرية اجتماعية، وكنت أقول أن السبيل إلى الحياة الديمقراطية السليمة هو الحل الاشتراكي، وهو إذابة الفوارق بين الطبقات.. الحل الاشتراكي هو اللي يخلي الشعب ملك لأبنائه، الحل الاشتراكي هو اللي يخلي كل واحد في البلد له فرصة متكافئة. ولقد كان رأيي وسوف يظل رأيي دائماً أن النجاح الأكبر الذي تستطيع ثورة 23 يوليه أن تحققه يتأكد في حياة الشعب المصري ويبقى عندما تذوب الطلائع الثورية.. الطلائع الثورية اللي طلعت يوم 23 يوليه عندما تذوب الطلائع الثورية التي تحملت بمسؤولياتها مسؤولية الثورة، عندما تذوب في حياة مدنية أوسع منها، ده يكون النجاح الأكبر لثورة 23 يوليه، إن جيلنا قدم قيادات لفترة التحول الكبير، ولابد لأجيال أخرى أن تتقدم وأن تقود وأهم من ذلك أن يوجد النظام الديمقراطي الذي يكفل تجدد القيادات المعبرة دائماً عن مطالب قوى الشعب العاملة وآمالها والقادرة على الإحساس بمشاكلها في كل مرحلة من مراحل التطور وحلها. أما إذا تصور جيلنا أن قيادته لمدى الحياة، فإن جيلنا يقع في خطأين كبيرين أول خطأ أنه يحمل نفسه بأكثر مما يستطيع الوفاء أمانة وعدلاً.. الخطأ الثاني يعوق النمو ويعطله ويحجب عملية التجدد الصحي لقوى الشعب وقياداته.

          ومن ناحية أخرى فإن عملية إعادة البناء الشعبي ضرورية لعملية تحقيق النصر. إذا سألنا نفسنا إيه كان القصد الحقيقي لعملية العدوان المركبة التي تعرضنا لها أخيراً، لو سألنا نفسنا هذا السؤال، الرد كان يكون القصد الحقيقي كان القضاء على الثورة الاشتراكية الموجودة في مصر. وإذن فلكي نستطيع مواجهة العدوان فإنه من الضروري تدعيم الثورة الاجتماعية في مصر، وهذا يتأتى أكثر ما يتأتى بتعبئة قوى الجماهير وتوضيح الرؤية أمامها، إيه الهدف من العدوان ومن العملية كله؟ إيه الهدف من التواطؤ؟

          الهدف هو القضاء على الثورة الاجتماعية الثورة الاشتراكية اللي تصدوا ليها بكل الوسائل، تصدوا لينا بمحاولات الاغتيالات وبالإخوان المسلمين وبالمؤامرات وبقطع المعونات، ولكن صمدنا، كل الوسائل فشلت وفضل حل واحد وهو إسرائيل.. وبعد غزو إسرائيل يحصل شرخ في النظام، وفعلاً طبعاً النكسة عملت شرخ وعملت أثر، وبعد كده بيركزوا بالضغط الاقتصادي وبيركزوا بالضغط السياسي، وممكن أيضاً يركزوا بالضغط العسكري حتى تنهار الثورة اللي مقدروش انهم يصلوا إليها طوال الـ15 سنة، مقدروش انهم يخضعوها ومقدروش انهم يضعوها داخل مناطق نفوذ. لم يكن احتلال الأرض هو الهدف الأصيل للعدوان الاستعماري الصهيوني، وإنما احتلال الأرض هدف جزئي يسعى به إلى تحقيق الهدف الأصيل وهو تصفية الثورة العربية عامة. العدوان حقق الأهداف الجزئية ولكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه الرئيسي. أعدائنا المدافع اللي موجهة ضدنا، الدول الكبرى اللي واقفة ضدنا لسه، محققتش هدفها الرئيسي، ولذلك العدوان لا يزال يسعى إلى تحقيق

<14>