إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

          لقد استكملنا وليس هذا سراً مقدرة الدفاع. وكان من العبث غير المسئول في رأيي أن نتكلم عن العمل العسكري ونحن غير قادرين على الدفاع. وفي وقت من الأوقات بعد النكسة كان خطوطنا غير قادرة على صد الهجوم. وكانت سماؤنا مكشوفة، مصانعنا، مدننا، قرانا كانت كلها مكشوفة للعدو. وإذا كنت أقف في مثل هذا الموقف وأتحدث عن العمل العسكري، فمعناه إنني أتاجر أو إنني أضلل وهذا ما لا أرضاه.

          وبعد ذلك فنحن إذا جاء وقت العمل العسكري لن نكون على موقف الدفاع. أي إننا يجب أن نتقدم باستعداداتنا لنستطيع أن نتحمل مسئولية الهجوم.

          إننا سنهاجم لتطهير أرض لنا يحتلها العدو، وهذا حق مشروع لنا. ولكن يجب أن نكون قادرين عليه. والتقدم إلى ذلك قبل امتلاك القدرة عليه خطأ فادح وجريمة. لا يمكن أن نتقدم إلى نكسة عسكرية أخرى. النكسات ليست مثل نوبات البرد أو الأنفلونزا يمكن أن يتعرض لها الإنسان. الإنسان بين فترة وأخرى شهرين أو كل ثلاثة شهور أو أربع شهور أو ست شهور. ما حدث بالنكسة يجب أن يكون حادثة في تاريخ مصر لا تقبل التكرار.

          والمسألة أو صميم المسألة أنه بعد النكسة ليس هناك بديل أمامنا عندما نقرر ضرورة العمل العسكري غير تحقيق النصر. ليس هناك بديل للنصر. معنى أن لا يكون هناك نصر أن لا تكون هناك حياة. شئ أكثر من مجرد الهزيمة.

          الاستعداد للعمل العسكري الهجومي بعد استكمال الاستعداد للعمل العسكري الدفاعي يحتاج إلى وقت وعمل.

          أقول ذلك صراحة وأقوله من موقع المسئولية.

          في هذا الوقت الذي نقوم فيه باستكمال استعداداتنا العسكرية، فنحن لا نتردد في محاولة العمل السياسي. لا مانع في تجربة أي طريق سياسي، بل ونرحب. الحرب ليست هدفاً في حد ذاتها، الهدف هو المبدأ، هو تحرير الأرض، وهو استعادة الحقوق الضائعة.

          ونحن نريد أن يعرف العالم كله أننا لسنا دعاة حرب وسلام. نحن جنود حرب إذا كانت الحرب ضرورة، ونحن نستعد لها ولكل احتمالاتها. وإذا استطاع العمل السياسي في الفترة التي يكتمل فيها استعدادنا العسكري أن يصون مبادئنا وأن يحرر أراضينا وأن يستعيد حقوقنا الضائعة، فذلك شئ لا نرفضه. ونحن لا نستطيع أن نواجه مسئولياتنا العالمية إذا رفضنا، إذا حدث ذلك لن نجد أحداً معنا. كل الأصدقاء يقفون معنا ليس من أجل الحرب في حد ذاتها، ولكن من أجل المبدأ، من أجل الأرض، من أجل الحق.

<21>