(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

          إذا لم يستطع العمل السياسي صيانة كل ذلك والدفاع عنه واستخلاصهن فإن أصدقاءنا بل والعالم كله سوف لن يكونوا فقط مقدرين لموقفنا في اللجوء إلى القوة المسلحة، ولكن موقفهم سوف يكون أكثر من مجرد التقدير، سوف يكون موقف التأييد. إن الكل سوف يقف معنا بغير تردد عارفين أن معركتنا هي معركة كل مبدأ ومعركة كل أرض ومعركة كل حق.

          وإذا لم يستطع العمل السياسي أن يصل إلى ما يرضي أهداف نضالنا فنحن لم نخسر شيئاً. نكون قد استكملنا أسباب قوتنا واثقين في فاعليتها ومطمئنين ونكون في نفس الوقت قد استطعنا أن نجد أوسع التأييد لحربنا المشروعة.

          ذلك ما أراه باختصار ووضوح وأرجو أن يراه مجلسكم الموقر معي.

          وفيما يتعلق بي فلن أخطو خطوة إلا وأنا واثق مما بعدها، ولابد لنا أن نتعلم من التجربة.

          لكننا لسنا على استعداد لأن نتلقى دروساً من الذين يتحدثون عن الحرب الفورية وهم لم يحاربوا وهم لا ينوون أن يحاربوا.

          محاولات العمل السياسي التي جرت حتى الآن بدأت في مجلس الأمن، بينما عمليات القتال مازالت مستمرة. وكان قرار وقف إطلاق النار صادراً من مجلس الأمن وبتأثير الضغط الأمريكي السافر، فإن مجلس الأمن لأول مرة في تاريخه عجز عن أن يقرن قراراً منه بوقف إطلاق النار بضرورة العودة إلى المواقع التي كانت فيه القوات المتحاربة قبل المعارك.

          كلنا نعرف القصة. الاتحاد السوفيتي بعد ذلك دعا إلى دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة وذهب إليها الرئيس السوفيتي كوسيجين وعدد من رؤساء الدول والحكومات.

          في الحقيقة فإنه لا نحن ولا الأصدقاء كنا نعلق آمال كبيرة على هذه الدورة من ناحية إزالة آثار العدوان. أهم شئ في هذه الدورة كان إيقاظ الرأي العام العالمي وتحريك المجتمع الدولي.

          المناقشات الواسعة أدت إلى تقدم كبير في هذا المجال ورأى العالم صورة مختلفة لإسرائيل عما كانت إسرائيل تحاول أن تصور به نفسها.

          رآها العالم أداة لقوى الاستعمار، أداة للعدوان، أداة للإرهاب أكبر مما هي أي شيء آخر. لماذا لم نكن نعلق أهمية عملية كبيرة على هذه الدورة، لسبب هام هو أن العمل السياسي لا يمكن أن تكون له قيمة إلا بقدر القوة أو احتمالات القوة التي يمكن أن تسنده بقبول المخاطر.

<22>