إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

السوفيتي تراجع أمام الغزو النازي حتى أبواب موسكو نفسها- ولم تقبل أمريكا بالاستسلام لليابان- ولم يقبل الاتحاد السوفيتي بالاستسلام لألمانيا النازية، رغم أن ألمانيا النازية اجتاحت جزء كبير من الاتحاد السوفيتي وقتلت أعداداً كبيرة من مواطني الاتحاد السوفيتي، ماذا كانت النتيجة؟ إن النصر في نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن لقوات ألمانيا النازية ولليابان، وهي التي حققت انتصارات بدت باهرة في أوائل الحرب، وإنما كان النصر.. النصر في النهاية للذين فوجئوا والذين تراجعوا والذين بدوا بقرب الهزيمة في المراحل الأولى للقتال، وذلك لأن هؤلاء المنتصرون في النهاية وهذا هو المهم. أدركوا منذ البداية أن الحرب ليست مجرد سلاح ضد سلاح، وإنما الحرب إرادة ضد إرادة- إن النصر يحققه ذلك الذي يستطيع فرض إرادته على عدوه، وليس ذلك الذي يستطيع في مرحلة من مراحل المعركة أن يحطم كمية أكبر من سلاح عدوه أو أن يحتل رقعة أكبر من أرضه - العبرة ليست بالسلاح وحده وليست باحتلال رقعة من الأرض فقط، ولكن العبرة بالإرادة.

          ونحن نتكلم عن هذا - عن السلاح عن رقعة الأرض المحتلة وعن إرادة شعبنا التي لم تنهزم يجب علينا أن نذكر الموقف بعد نتيجة معارك أيام يونيه الستة، بعد معارك أيام يونيه الستة كان الموقف بالغ السوء- كانت خسائرنا في المعدات كبيرة ورقعة من الأرض احتلت، كلنا تأثرنا من الصدمة، كل فرد مننا تأثر من الصدمة، بل كل فرد فوجئ بالصدمة، وكل فرد فوجئ بالنتيجة... وأنا أيضاً فوجئت ولكن يمكن مش يوم 8 مفاجأتي أو يوم 9، ابتديت من يوم 6 أحس بالأمر، أحس بالخسارة.. في يوم 8 قررت التنحي بسبب واضح وهو المسئولية، وأنا كنت على ثقة كنت أعتقد إنه لن يكون هناك رد فعل لخطاب التنحي - لأن أنا كنت بأشعر بالصدمة وكنت أشعر بكل واحد فيكم وكل واحد من أبناء هذا الوطن يشعر بالصدمة.

          ولابد أن يكون هناك مسئول يتحمل مسئولية الآمال والوعود والتطلعات الكبيرة اللي كانت بتتقال واللي كنا بنحس بها كلنا.

          وكنت أعتقد أن الشعب بعد ما هزمت قواته هزيمة عسكرية سريعة بهذا الشكل سيفقد الأمل إلى حد كبير في قدرتنا على الصمود على المقاومة.

          وكنت أعتقد نتيجة لهذا أن الشعب سيرحب بالحلول السلمية، سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع الدول الغربية المعادية لنا.

          وكنت أعتقد أن الشعب سيرى في جمال عبد الناصر عقبة ضد هذا، وعلى هذا الأساس يوم 8 بالليل قررت هذا القرار، ويوم 9 أعلن هذا القرار في حديثي إليكم.

          وكانت ثقة الواحد كانت اتهزت تقريباً في كل شيء.

<4>