إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

          وزي ما قلت لكم لم أكن أتصور رد فعل لا بالشكل اللي حصل ولا أقل من اللي حصل، لأني كنت بأعتبر إن الهزيمة والصدمة تكون أثرت فينا كلنا إلى درجة الانهيار.

          كنت غلطان يمكن في هذا الاعتقاد، وأعتقد أيضاً أن أعدائنا كلهم كانوا متوقعين أن ننهار تحت وطأة الصدمة.

          في هذا الوقت اللي كان أعداؤنا فيه معتقدين إن إحنا سننهار تحت وطأة الصدمة خرج الشعب ليؤكد قوة إرادته وأن هذه الإرادة لا تقهر وانه لا يكفي لقهرها أي خسارة في المعدات أو في الأفراد. بدي أقول لكم في يوم 9 و10 يوم الناس ما خرجت في الشوارع بالآلاف أو بالملايين مكنش عندنا دفاع عن الضفة الغربية لقنال السويس.. النهاردة الظروف اختلفت وبأقدر أقول هذا الكلام.. كان العدو موجود في الضفة الشرقية لقنال السويس وكان الطريق ما بين السويس والقاهرة مفيش فيه ولا عسكري، وكانت الطريق إلى القاهرة مفتوحة بدون أدنى مقاومة نتيجة الشلل الكامل اللي حصل في قواتنا المسلحة في بور فؤاد، كانت المقاومة الشعبية هي اللي احتلت بور فؤاد. في بور سعيد كانت المقاومة الشعبية هي اللي احتلت بور سعيد..

          الحقيقة كمان بدي أقول إن زكريا محيي الدين باعتباره قائد المقاومة الشعبية تولى المسئولية يوم (8) بالليل حوالي الساعة عشرة، بعد الحال الذي وصلت إليه قواتنا نتيجة المعارك اللي حصلت ابتداء من يوم خمسة.. رغم هذه الظروف وبالرغم من الحالة اللي كنا وصلنا إليها وأعتقد أن الشعب كان يعلم إيه هيه الحالة اللي وصلنا إليها، لأن بلاغاتنا كانت واضحة، بل البلاغ اللي طلع يوم (9) الصبح عن تحرك العدو وعبوره قنال السويس إلى غرب القنال في بعض المناطق كان يبين الحالة اللي وصلنا إليها في هذا اليوم. فعلاً كان كل واحد يبص لحالتنا مكنش من الصعب عليه أن يشعر وأن يحس إننا وصلنا إلى حالة انهيار كاملة، ولكن خروج الشعب لتأكيد قوة إرادته ولتأكيد أن هذه الإرادة لا تقهر وأن هذه الإرادة لا يكفي لقهرها خسارة معركة عسكرية أو خسارة نسبة من المعدات أو خسارة جزء من الأرض. خرج الشعب وأكد هذا بتأكيد الإرادة الشعبية تغير الموقف.

          تغير الموقف كلية. تغير الموقف كلية بدون أن يطرأ عليه أي تغيير جديد مادي، بتأكيد الإرادة الشعبية أصبح الموقف البالغ السوء أصبح على الفور، وليس في ذلك أدنى قدر من المبالغة أقل سوءاً، وبالتحقق اليومي من صلابة هذه الإرادة الشعبية، أصبح الموقف قابلاً للتحسن وأصبح قابلاً للتحول. وذلك ما نستطيع أن نلمسه الآن وقد مرت بعد النكسة خمسة شهور أصبح بعدها ممكناً لتراكمات الكيفية أن تحدث أثراً كلياً نستطيع أن نقيسه في الحساب.

          هذا التغيير الذي أحدثته الإرادة الشعبية بدأ في يوم كانت الحقائق المادية وحدها من الناحية العسكرية وهي التعبير الظاهر للصراع المسلح تقول إننا خسرنا ما يقرب من 80% من معداتنا الحربية في معارك الأيام

<5>