(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

من التعب النفسي والجهد النفسي اللازم لكي نفيق بعد أن كان الواحد يشعر إنه عايش في كابوس ولا يصدق أن ما حدث قد حدث.

          كنا قدرنا نفوق هذا التغيير.. نتحقق من الموضع اللي سرنا إليه ما هي حقائقه؟ ليست مسألة سهلة.. الجزء الأصعب من هذه الأمور ومن هذه المشاكل قد فات، ولكنني أعرف أن آثاره تبقى معنا زمناً.. طبعاً يعني بهذا إيه الثقة يمكن اتهزت إلى حد كبير، فيه ناس تمزقت نفوسها وقلوبها.. خصوصاً الشباب من هذا الجيل حينما رأى إسرائيل تحتل جزءاً من أراضينا وتصل بقواتها إلى الضفة الشرقية لقناة السويس.. أنا شفت عدد من الشباب تمزق مش قادر.. مش قادر يحتمل الصورة إن إسرائيل موجودة، إزاي تقدمت إلى الضفة الشرقية للقنال. حينما أقول أن الجزء الأصعب قد فات، لكن آثار هذا الجزء الصعب ستبقى معنا زمن. في بعض الأحيان أجد بعض الناس يضيقون حين يجدون نظرة إلى بعض الأمور تشوبها عدم ثقة أو التجاوز أو النقد.. طبعاً هناك قلق عند الجماهير نتيجة ما حدث وإزاي هنخلص من إسرائيل.. إزاي هنخلص من اللي حصل والقلق، وده يمثل تعب نفسي لكل الناس، يمكن للقيادات وللجماهير وللشباب. وأقول في كل الظروف يجب علينا أن نحسن تقدير الظرف النفسي للجماهير على كل القيادات، حينما تضيق الجماهير حينما تبين قلقها حينما تظهر الضيق النفسي.

          وأنا أعتبر إنها معجزة أن يصدق الناس بعد ما جرى في هذه الأيام الستة أي شئ.

          الشعب استوعب الصدمة، الشعب بأصالته وبتاريخه الطويل المناضل المكافح استطاع أن يتغلب على الصدمة النفسية، ولكن استيعاب الصدمة لا يعني أن الصلة بعدها انقطعت بكل ما كان قبلها أو خلالها، لابد أن ندرك أن هناك رواسب ولكننا اجتزنا امتحاناً كبيراً، وسوف تتأكد الثقة بمقدار ما تستحق تصرفاتنا هذه الثقة، وبمقدار ما يتعود الناس على ذلك. يتصل باستيعاب النكسة أن نتقبلها جميعاً كرجال. طبعاً حينما أتكلم عن الصدمة وحينما أتكلم عن التمزق النفسي وتمزق القلوب لشباب هذا الجيل وحينما أتكلم عن ضرورة العلاج النفسي لكل هذه الجوانب وحينما أتكلم إن ما حدث في 5 يونيه وفي الأيام الستة لا يمكن أن تزول آثاره بسرعة. حينما أتكلم عن هذا لابد أن أقول يجب أن نتقبل آثار النكسة جميعاً كرجال ونستوعبها. معنى إيه كرجال؟ معناه إن مش كل واحد يطالب غيره بالحساب. الحقيقة بعد النكسة وبعد الأيام الستة كان فيه موجة من النقد وأنا اتكلمت عليها يوم 23 يوليه في خطابي. ولكن وضع طبيعي قوي إن تكون هناك موجة من النقد، ولكن كون هذه الموجة من النقد تنقلب مثلاُ إلى موجة تشكيك في كل شئ. معناه إن إحنا ما قابلناش النكسة مقابلة الرجال. إذا كان كل واحد في كل مصنع وفي كل مكان وفي كل موقع يطالب بمحاسبة غيره، كل واحد يطالب بحساب غيره بيذم غيره معناه إن إحنا ماقدرناش نستوعب النكسة استيعاب الرجال أبداً.

          كل واحد في مكانه على قد ما بيفسر النكسة مسئول عن ظروف أدت إلى ذلك. أنا وقفت يوم 9 وقلت إن أنا بتحمل المسئولية كلها عن كل شئ، مش معنى هذا إن أنا النهاردة بأقول لا أنا مش مسئول. أنا

<8>