إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في مأدبة أقيمت تكريماً له في الاتحاد السوفيتي

         كنا نقول وننادي بأن الاستعمار والإمبريالية لا يمكن لهما بحكم الجشع والشراسة والطبيعة العدوانية، ترك التآمر المكشوف المغطي ضد شعوب الأمة العربية وحريتها وثرواتها.

         كنا نقول وننادي أن إسرائيل تقوم في خدمة الإمبريالية والاستعمار بدور القاعدة، وبدور المخفر الأمامي، وبدور العازل الذي يحول دون وحدة الأمة العربية ويهددها كلما تحركت، وبدور الأداة التي تشتت تركيزها على المستقبل وتمتص طاقاتها بالاستنزاف أولاً بأول. كنا نقول ذلك وننادي به دوماً ولم نكن في ذلك نعبر عن تعصب من أي نوع، فنحن أول من يرفض اللاسامية العنصرية وأكثر من نادى بالتسامح ديناً ومبدأ. ولكننا كنا نعبر في ذلك عن دراسة عميقة للأمور وتحليل عميق لمجرياتها، وكنا نعبر فوق ذلك عن تجربة حية عشناها منذ بداية هذا القرن، ومنذ بدأت الصهيونية تستغل أسطورة دينية مزعومة لكي تخلق على أساسها وطناً عنصرياً مسروقاً ومغتصباً من أرض أمة أخرى سكنتها وعاشت فيها ووضعت فوقها دمعها وعرقها، على امتداد تاريخ مجيد وحافل.

         ولقد باعت العنصرية الصهيونية نفسها للاستعمار الذي كان يسيطر على العالم العربي، وربما لم يكن الأمر يحتاج إلى وقفة جديدة، فإن الصهيونية العنصرية، بحكم طبيعتها الرجعية، تقف منطقياً على الجانب المعادي للحرية. ولقد كان العدوان الذي تعرضت له أمتنا العربية في الخامس من يونيه الماضي حلقة جديدة في سلسلة المؤامرات المتصلة ضد آمال ومصالح الأمة العربية وحقوقها المشروعة في أوطانها وأمن هذه الأوطان وسلامتها. وإذا كانت ظروف المؤامرة البشعة تضيف اليوم في الوضع الخطير الذي تمر فيه أجزاء من ثلاثة أوطان عربية تقع تحت الاحتلال، فضلاً عن الأرض الفلسطينية ذاتها، وهي أساس النزاع وأصله، فإن هناك حقائق لاشك فيها ولا نتردد في الإيمان بها.

أولاً: إن الأمة العربية، والشعب المصري بينها، لن تقبل بالعدوان ولن ترضى به، وسوف تكتل كل قواها ومواردها في سبيل تطهير الأرض العربية وتحريرها، وذلك شئ تفهمونه أنتم أيضاً أيها الأصدقاء الأعزاء، فإن العدوان العنصري النازي وصل في يوم من الأيام إلى أبواب هذه العاصمة المجيدة، ولكن إيمانكم جميعاً قد استطاع تحويل المد وانتزاع المبادرة وإلحاق هزيمة ساحقة بالمتعدين، وذلك مثال رائع وجدير بأن تحتذيه الشعوب الحية والمؤمنة.

ثانياً: إننا جميعاً أعطينا إمكانية الحل السياسي كل فرصة وسوف نعطيه كل فرصة على أساس قرار مجلس الأمن الصادر في 22 نوفمبر الماضي، وهو قرار كان في رأينا قاصراً وغامضاً، ومع ذلك فقد ارتضينا به عن إيمان عميق بالتزامنا نحو السلام، ولقد أفسحنا السبيل أمام جهود مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة ليبحث عن مخرج للأزمة عن طريق هذا القرار.

ثالثاً: إن الهدف الأساسي والأول أمام شعوب أمتنا العربية هو إزالة آثار العدوان بغير بديل مهما كانت المصاعب ومهما كانت التضحيات. ذلك هدف لا يمكن أن ينازع بالنسبة لأمة، كما أننا نثق ثقة كاملة بأن كل

<2>