إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في مأدبة أقيمت تكريماً له في الاتحاد السوفيتي

الشعوب المحبة للسلام ترى فيه رأينا وتحس فيه بشعورنا وتدرك أن كفاحنا من أجله أهم وأشمل من أن يكون قضية ذاتية، ذلك لأنه إذا سمح للعدوان أن يحقق أغراضه وأن يمضي بنتائجه بدون عقاب، فمعنى ذلك أنه لن يكون هناك وطن آمن ولن تكون هناك حرية مصونة بالنسبة لأي شعب من الشعوب.

          إن قضية الحرية لا تتجزأ، والنضال من أجلها لا يمكن عزله عن أصوله العالمية، وربما من هنا يصدر تعاطفنا الشديد والعميق مع النضال البطولي الأسطوري الذي تحمل الشعب الفيتنامي مسئولياته.

أيها الأخوة والأصدقاء

          إن شعبنا رفض الهزيمة وصمم على الصمود عارفاً لكل تبعاته، حتى في الوقت الذي كانت فيه العاصفة العدوانية تهب على أرضه بكل إرهابها وشراستها.

          وإن شعبنا في تحمله المسئولية ورفضه الهزيمة وتصميمه على الصمود، لم يجعل من ذلك الموقف مجرد رغبة أو أمل، وإنما تصرف وتصرفت معه شعوب الأمة العربية كلها، وبكل قدر سمحت له به الظروف الموضوعية على أساس من التقدير الواعي والعملي للمسئولية، وفضلاً عن الإرادة السياسية، وهي نقطة البداية الطبيعية، فإن هذا الموقف كانت له انعكاساته العملية والواقعية، ومما يلفت النظر، أيها الأصدقاء، إن الأمة العربية كلها، بصرف النظر عن اختلاف الاجتهادات الاجتماعية بينها، تضافرت في تحمل الآثار المعادية للمعركة، وفقاً لمقررات مؤتمر الخرطوم الذي شارك في أعماله رؤساء الدول العربية.

          على أنه بحكم المسئولية التاريخية الملقاة على عاتق الشعب المصري، فإنه لابد لنا أن نلاحظ ما يلي:

أولاً: إن الشعب المصري في ظرف عصيب من نضاله الطويل سَلَّحَ نفسه بوعي رائع مكنه من كشف المخطط الاستعماري الصهيوني. ومن هنا فإن هذا الشعب أدرك أهمية جبهته الداخلية، ومن ثم راح تحت ظروف المعركة، يعيد تنظيمه تواً تحت سيادة تحالف عظيم لقوى الشعب الممثلة في الاتحاد الاشتراكي وصحب ذلك كله تغييرات واسعة وعميقة تمس نواحي عديدة من نواحي العمل الوطني تستهدف كلها بالدرجة الأولى تحرير قدراته الخلاقة ووضعها في خدمة إرادة الصمود.

ثانياً: إنه برغم دروس المعركة، فإن الشعب المصري حقق أرقاماً قياسية في الإنتاج الزراعي والصناعي، ولقد أدرك الشعب بوضوح أن الصمود ليس كلمة تقال، وإنما الصمود إمكانية لابد من حمايتها وتوفير الأسباب لها.

ثالثاً: إن جهداً عظيماً يجري الآن لإعادة بناء القوات المسلحة للشعب المصري، لتكون هذه القوات المسلحة أداة قادرة للنضال الشعبي وضماناً لحماية أهدافه ومبادئه.

<3>