إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح المؤتمر القومي الأول للاتحاد الاشتراكي العربي

أي فرد أو أفراد، لأنه يحتاج إلى تعبئة قدرات الأمة كلها وإلى توجيه جميع جهودها لتحقيق الهدف المزدوج لنضالنا المعاصر وهو من ناحية حشد كل قوانا.

         من ناحية حشد كل قواتنا العسكرية والاقتصادية والفكرية على خطوطنا مع العدو لتحرير الأرض وتحقيق النصر، ومن ناحية أخرى تعبئة كل جماهيرنا بما لها من إمكانيات وطاقات كامنة من أجل واجبات التحرير والنصر، ومن أجل آمالنا بعد التحرير والنصر. ولقد كان ذلك الهدف المزدوج لنضالنا المعاصر هو محتوى ومحور بيان 30 مارس الذي بدأت به عملية تغيير كانت لازمة وحيوية، وهو أيضاً البيان الذي جاء مؤتمركم نتيجة من نتائجه تفتح الطريق إلى نتائج أوسع استهدفها بيان 30 مارس الذي وافقت عليه الأمة بما يقرب من الإجماع وارتضته برنامجاً ومنهاجاً يرسم خطى المستقبل. ومن ذلك- أيها الأخوة- فإننا نستطيع القول بثقة واطمئنان إن مهمة هذا المؤتمر هي الحفاظ على برنامج 30 مارس وتمهيد الأرض لتنفيذه نصاً وروحاً، وفتح الطريق أمامه واسعاً رحباً وخصباً لكي يحقق الآمال التي وجدتها الأمة فيه والتي حفزتها إلى هذه الإجابة شبه الإجماعية بالموافقة عليه بنعم.

         إن مؤتمركم شرفني اليوم بانتخابي رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي في مرحلة بنائه الجديد، وإني لأقدم لكم شكري وعرفاني من أعماق القلب لهذه الثقة التي أعتز بها، وإني لأصارحكم القول بأنني كنت أتمنى لو كان في مقدورنا اليوم أن نسلم العلم من جيلنا إلى جيل آخر أوفر شباباً وأكثر استيعاباً لروح العصر، لكنني أدرك تماماً أن هذا الانتقال للعلم من يد جيل إلى جيل يجب أن تسبقه مهمة مقدسة لا بديل لها ولا مناص منها، وهي إزالة بقعة الهزيمة التي لحقت به في معركة يونيه سنة 1967، ولو لم تكن هذه البقعة لكان من دواعي سعادتي إلى غير ما حد أن أقف فخوراً راضياً لكي أعطي العلم لجيل جديد هو الأقدر منا بغير جدال على مواصلة الكفاح الوطني، لكنني أشعر أننا نظلم هذا الجيل إذا سلمناه العلم مشوباً ببقعة هزيمة 1967. ومع إن جيلنا نحن تسلم العلم في ظروف بالغة السوء سياسياً واجتماعياً ودولياً بالنسبة لوطننا، إلا أن مسئولية جيلنا كجيل انتقال تختلف عن مسئولية أجيال سبقته وأجيال تلحقها. إن منتهى أملي أن يسجل التاريخ لهذا الجيل أنه تحمل بكل أعباء مرحلة الانتقال، وتحمل بكل مشاكل مرحلة التحول، وأقام من نفسه ولو بجسده جسراً يعبر عليه التقدم المصري لكي يواصل زحفه منطلقاً نحو القرن الواحد والعشرين حراً من كل الرواسب والأغلال قادراً وسيداً.

         ولعلكم تسمحوا لي بمقتضى الثقة التي أوليتموني إياها هذا الصباح أن أقترح عليكم خطة عمل لمؤتمرنا لكي تكون حركتنا على هدى وعملنا على أساس منطق علمي تختلف به هذه التجربة عن تجارب أخرى سبقتها.

<4>