إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الرابعة

          وأن الأمة العربية كلها لتعرف الأسباب التي من أجلها صدرت هذه الدعوة، ولقد كان شعبنا فيها لا يصدر إلا عن تفاعل أصيل مع ضمير أمته العربية وعن رغبة شريفة في خدمة قدرها ومصيرها الواحد.

          لقد جاءت على الأمة العربية ظروف فإذا بعض دولها لا يملك حرية العمل داخل أراضيه نفسها، فضلاً عن حرية العمل في الأرض التي اغتصبها العدو من فلسطين.

          ولقد كان هدفنا من مؤتمرات القمة هو أن نجمع من طاقة الأمة العربية ما يمكنها من استعادة حرية العمل داخل أراضيها كخطوة أولى ثم تتقدم من ذلك إلى حرية العمل لإنقاذ الأرض المغتصبة من فلسطين.

          ولقد بدأت الأمور بداية طيبة، خيل إلينا معها أن النظم الرجعية الحاكمة في العالم العربي، مهما كان من تناقضها مع قوى الثورة العربية، قد بدأت تدرك الخطر الداهم على الأمة العربية كلها من استمرار التواطؤ المشين بين الاستعمار وإسرائيل، وهو التواطؤ الذي يسمح قبل أي شئ آخر بهذا العدوان المستمر على أقدس البقاع في وطن العرب.

          ولقد شجعنا هذا على ما تخيلناه.. قرارات صدرت عن مؤتمر القمة العربي الأول بينها، بل وأهمها، قرار بأن يحدد العرب في المستقبل علاقاتهم بغيرهم من الدول على ضوء مواقف هذه الدول من الحق العربي المشروع في فلسطين.

          ومن سوء الحظ أن التجربة الجديدة لم تلبث أن أكدت ما أظهرته تجارب سابقة مع الرجعية، وهو أنها طرف ضالع - بوعيه أو بغير وعي - مع تواطؤ الاستعمار وإسرائيل.

          وذلك شيء يحز في نفوسنا، ونحن نقوله.. ويعلم الله أننا نكره حتى مجرد النطق به وأننا نستهوله على أي عربي مهما كان..

          ولكن مصالح الاستغلال مع الأسف أثبتت وتثبت أنها عند بعض الناس أقوى من الوطنية وأقوى من القومية، بل وأقوى من الحق المنهوب والشرف المغتصب.

          إن حرية العمل التي تصورنا أن توفرها مؤتمرات القمة للدول العربية داخل أراضيها المتاخمة للوطن السليب، ما لبثت أن أصبحت حرية العمل الرجعي ضد الثورة العربية.

          إن كل الأدلة الآن تشير بوضوح إلى أن القوى المعادية للثورة العربية، لم تجد في مؤتمرات القمة إلا أنها تصلح كفرصة تلتقط فيها الرجعية المضروبة أنفاسها، وتغير جيادها ثم تستأنف سيرها.

<11>