إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الرابعة

          لقد بقى جو العمل العربي هادئاً حتى تم التغيير في عرش الرياض، واستبدل ملك بملك ثم بدأ الهجوم الرجعي الجديد يحاول أن يستر ملامحه القبيحة بادعاء الإسلام.. والإسلام منه براء..

          ويوماً بعد يوم.. فلقد وجدنا حرباً واسعة، خفية ولكنها واقعة، تشهر ضدنا على امتداد العالم الإسلامي كله. وحيث يوجد مسلمون في أقاصي الأرض، حرب سلاحها الأساسي هو المال وشراء الذمم، وسندها الأساسي هو الاستعمار أعدى أعداء الإسلام.. وأحقد الحاقدين عليه.

          كانوا يريدون خلق تناقض مصطنع بين الاشتراكية وبين الدين.. ناسين أو متناسين أن التناقض الحقيقي هو ما بين استغلالهم لشعوبهم وبيعهم هذه الشعوب للقوى وللمصالح الاستعمارية.. وما بين الدين الذي هو في خلاصته دعوة إلهية إلى العدل الاجتماعي.. وإلى المساواة بين الناس.. وإلى الحرية.. هذه الشعلة القدسية في قلب كل إنسان.

          ولقد جاءت الإدانة القاطعة لهذا الحلف المسمى بالإسلامي - وهو ليس إلا حلفاً جديداً لمصالح القوى الأجنبية الراغبة في السيطرة، باعتراف مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت ايزنهاور - حين بدأ الذين تلقوا دعوته يحددون موقفهم منه.. فإذا المتحمسون له اثنان.. شّاه إيران - داعية حلف بغداد المنهار وصديق إسرائيل في الشرق، ثم الحبيب بورقيبة - داعية الخضوع المطلق للاستعمار الجديد، وصاحب دعوة الصلح المشئومة مع إسرائيل.

          ولقد تعاقبت بعد ذلك مواقف لم يكن في الإمكان تجاهلها.

          استمر عداء النظام الرجعي في السعودية ضد ثورة اليمن، وبرغم كل جهود بذلها الشعب المصري، وبرغم أني ذهبت بنفسي- باسم هذا الشعب وتعبيراً عن جهوده- إلى جدة أعرض السلام وأطلب التعاون عليه، فإن كل الجهود ضاعت هباء واستمرت محاولات التسلل، ثم أعقبتها محاولات التآمر ضد الثورة اليمنية وضد قواتنا المسلحة التي ذهبت للمشاركة في شرف الدفاع عنها.

          ثم خرج الرئيس التونسي بدعوته إلى الصلح مع إسرائيل.. وبينما الأمة العربية كلها تدينه وتعزله عن مسار نضالها.. إذا بملك السعودية لا يجد من يزوره إلا هو، يخفف عزلته ويجزل له العطاء.

          ثم تفاقمت الأمور حين عقدت المملكة العربية السعودية صفقة سلاح باهظة التكاليف مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع بريطانيا - وإذا أبرز ما في هذه الصفقة هو أنها أصبحت مبرراً لهدية جديدة من هدايا السلاح تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل.. هذا فضلاً عن أن الجيش السعودي وضع تماماً تحت الإشراف والقيادة الأمريكية- البريطانية.

<12>