إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الرابعة

وثالثاً: أن القيام بعملية التعزيز والتدعيم الضرورية لتثبيت نجاح الخطة الأولى ثم مواصلة التقدم في نفس الوقت إلى تنفيذ الخطة الثانية يقتضي جهوداً فوق العادة ويقتضي أن توضع أولويات حازمة للعمل وشروطاً لابد من الالتزام بها مهما كان ذلك مرهقاً وذلك يقتضي أن تتجلى الملكات الكامنة للشعب المصري، نفس الملكات الأصيلة التي أظهرتها جماهير هذا الشعب المناضل في مثل هذه الأيام من سنة 1956 في صراع الحرية السياسية في معركة السويس العظيمة المنتصرة، لكي تبرز إلى أداء دورها العظيم في صراع الحرية الاقتصادية في معركة البناء الوطني التي لا بديل فيها عن النصر.

          ولقد أضيفت إلى هذه المجموعة من الحقائق، ظروف أخرى، بعضها نتحمل مسئوليته وبعضه خارج عن إرادتنا، ساعدت على تجسيم المشكلة، وأجد أن أمانة المصارحة تقتضي الإشارة إليها عن يقين صادق بأن وضوح أي مشكلة أمام الجماهير هو نصف الطريق إلى حلها والنصف الثاني مرهون بالجهد الذي تستطيع هذه الجماهير أن تبذله وراء قياداتها في جميع المواقع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي نواحي التوعية الفكرية والثقافية بوجه خاص.

          هذه الظروف التي ساعدت على تجسيم مشكلة الانتقال من الخطة الأولى إلى الخطة الثانية بكل ما يعنيه ذلك ويقتضيه.. مما شرحته الآن يمكن عدها بما يلي:

1 .

أن الزيادة في عدد السكان في بلدنا تقفز كل سنة بحسابات فلكية، ولقد زاد عدد السكان في سنوات الثورة عشرة ملايين نسمة، أي بمعدل يقدر كل سنة بثلاثة أرباع المليون من البشر يريدون الطعام والكساء واحتياجات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية ثم يطلبون حق العمل.

كل ذلك على رقعة من الأرض محدودة لم تعطها الطبيعة من الثروات إلا مقدرة العمل الإنساني وما يستطيع هذا العمل تحقيقه.

وينبغي أن نسلم أننا في جزء من هذه المشكلة ندفع ضريبة عن النجاح الذي تحقق في الناحية الاجتماعية، فإن الرعاية الصحية العامة، أو الرعاية الصحية الخاصة- التي توفرت لكثير ممن ارتفعت دخولهم خصوصاً في الريف- قد أدت إلى نقص هائل في نسبة الوفيات خصوصاً بين الأطفال، وذلك أمر يملأ قلوبنا جميعاً بالسعادة والارتياح وبالحمد لله والعرفان له، ولكنه من ناحية أخرى يفرض علينا ضرائبه.. ندفعها بالرضى كله وإن كان يتعين علينا حسابها ونحن نؤديها.

2 .

إن هذا المجتمع وضع هدف العمالة الكاملة، لكل من يقدر على العمل، في مقدمة ما يسعى إليه، وهذا المجتمع يرفض أن تلحقه وصمة البطالة، سافرة أو مقنعة، ومعنى ذلك أن فرص العمل أتيحت للملايين كضرورة اجتماعية إلى جانب دورها الاقتصادي، ولقد تضاعفت قوة العمل في سنوات الثورة عما كانت

<3>